دعاء واحد.
وقوله : (أَنْتَ مَوْلانا) فصله لأنّه كالعلّة للدعوات الماضية : أي دعوناك ورجونا منك ذلك لأنّك مولانا ، ومن شأن المولى الرفق بالمملوك ، وليكون هذا أيضا كالمقدمة للدعوة الآتية.
وقوله : (فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) جيء فيه بالفاء للتفريع عن كونه مولى ، لأنّ شأن المولى أن ينصر مولاه ، ومن هنا يظهر موقع التعجيب والتحسير في قول مرة بن عداء الفقعسي :
رأيت مواليّ الألى يخذلونني |
|
على حدثان الدّهر إذ يتقلّب |
وفي التفريع بالفاء إيذان بتأكيد طلب إجابة الدعاء بالنصر ، لأنّهم جعلوه مرتّبا على وصف محقّق ، وهو ولاية الله تعالى المؤمنين ، قال تعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) [البقرة:٢٥٧] وفي حديث يوم أحد لمّا قال أبو سفيان : «لنا العزّى ولا عزّى لكم» قال النبي صلىاللهعليهوسلم : أجيبوه «الله مولانا ولا مولى لكم». ووجه الاهتمام بهذه الدعوة أنّها جامعة لخيري الدنيا والآخرة ؛ لأنّهم إذا نصروا على العدوّ ، فقد طاب عيشهم وظهر دينهم ، وسلموا من الفتنة ، ودخل الناس فيه أفواجا.
وفي «الصحيح» ، عن أبي مسعود الأنصاري البدري : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة ، في ليلة ، كفتاه» وهما من قوله تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) إلى آخر السورة. قيل معناه كفتاه عن قيام الليل ، فيكون معنى من قرأ من صلّى بهما ، وقيل معناه كفتاه بركة وتعوّذا من الشياطين والمضارّ ، ولعلّ كلا الاحتمالين مراد.