الكهنة من بني إسرائيل ويعلمهم طريقة علاجه ، ومن أحكامهم أنّ المصاب يعزل عن القوم ويجعل في محل خاص وأحكامه مفصّلة في سفر اللاويين. ولهذا كان إعجاز المسيح بإبراء الأبرص أهمّ المعجزات فائدة عندهم دينا ودنيا.
وقد ذكر فقهاء الإسلام البرص في عيوب الزوجين الموجبة للخيار وفصّلوا بين أنواعه التي توجب الخيار والتي لا توجبه ولم يضبطوا أوصافه واقتصروا على تحديد أجل برئه.
وإحياء الموتى معجزة للمسيح أيضا ، كنفخ الروح في الطير المصوّر من الطين ، فكان إذا أحيا ميتا كلّمه ثم رجع ميّتا ، وورد في الأناجيل أنّه أحيا بنتا كانت ماتت فأحياها عقب موتها. ووقع في إنجيل متّى في الإصحاح ١٧ أنّ عيسى صعد الجبل ومعه بطرس ويعقوب ويوحنا أخوه وأظهر لهم موسى وإيلياء يتكلمان معهم ، وكلّ ذلك بإذن الله له أن يفعل ذلك.
ومعنى قوله : (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) أنّه يخبرهم عن أحوالهم التي لا يطّلع عليها أحد فيخبرهم بما أكلوه في بيوتهم ، وما عندهم مدّخر فيها ، لتكون هاته المتعاطفات كلّها من قبيل المعجزات بقرينة قوله أنبّئكم لأنّ الإنباء يكون في الأمور الخفية.
وقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) جعل هذه الأشياء كلّها آيات تدعو إلى الإيمان به ، أي إن كنتم تريدون الإيمان ، بخلاف ما إذا كان دأبكم المكابرة. والخطاب موجّه منه إلى بني إسرائيل فإنهم بادروا دعوته بالتكذيب والشتم.
وتعرّض القرآن لذكر هذه المعجزات تعريض بالنصارى الذين جعلوا منها دليلا على ألوهية عيسى ، بعلة أنّ هذه الأعمال لا تدخل تحت مقدرة البشر ، فمن قدر عليها فهو الإله ، وهذا دليل سفسطائي أشار الله إلى كشفه بقوله : (بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) وقوله : (بِإِذْنِ اللهِ) مرتين. وقد روى أهل السّير أنّ نصارى نجران استدلوا بهذه الأعمال لدى النبيصلىاللهعليهوسلم.
[٥٠ ، ٥١] (وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٥٠) إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٥١))