النبي صلىاللهعليهوسلم : «كذب أعداء الله ما من شيء كان في الجاهلية إلّا وهو تحت قدميّ هاتين إلّا الأمانة فإنها مؤدّاة إلى البرّ والفاجر.
وقوله وهم يعلمون حال أي يعتمدون الكذب : إما لأنهم علموا أنّ ما قاسوه على ما في كتابهم ليس القياس فيه بصحيح ، وإما لأنّ التأويل الباطل بمنزلة العلم بالكذب ، إذ الشبهة الضعيفة كالعهد.
و (بلى) حرف جواب وهو مختص بإبطال النفي فهو هنا لإبطال قولهم : (لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) [آل عمران : ٧٥].
و (بلى) غير مختصّة بجواب الاستفهام المنفي بل يجاب بها عند قصد الإبطال ، وأكثر مواقعها في جواب الاستفهام المنفي ، وجيء في الجواب بحكم عام ليشمل المقصود وغيره : توفيرا للمعنى ، وقصدا في اللفظ ، فقال : (مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ) أي لم يخن ، لأنّ الأمانة عهد ، (وَاتَّقى)» ربه فلم يدحض حق غيره (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [المائدة : ١٣] أي الموصوفين بالتقوى ، والمقصود نفي محبة الله عن ضدّ المذكور بقرينة المقام.
(إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٧))
مناسبة هذه الآية لما قبلها أنّ في خيانة الأمانة إبطالا للعهد ، وللحلف الذي بينهم ، وبين المسلمين ، وقريش. والكلام استئناف قصد منه ذكر الخلق الجامع لشتات مساوئ أهل الكتاب من اليهود ، دعا إليه قوله ودّت طائفة من أهل الكتاب وما بعده.
وقد جرت أمثال هذه الأوصاف على اليهود مفرّقة في سورة البقرة [٤٠] : (أَوْفُوا بِعَهْدِي) ، (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) [البقرة : ٤١]. (ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) [البقرة : ١٠٢]. (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ) [البقرة : ١٧٤]. فعلمنا أنهم المراد بذلك هنا. وقد بينا هنالك وجه تسمية دينهم بالعهد وبالميثاق ، في مواضع ، لأنّ موسى عاهدهم على العمل به ، وبينا معاني هذه الأوصاف والأخبار.
ومعنى (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) غضبه عليهم إذ قد شاع نفي