وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٨٤))
المخاطب بفعل قل هو النبي صلىاللهعليهوسلم ، ليقول ذلك بمسمع من الناس : مسلمهم ، وكافرهم ، ولذلك جاء في هذه الآية قوله : (وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا) أي أنزل عليّ لتبليغكم فجعل إنزاله على الرسول والأمة لاشتراكهم في وجوب العمل بما أنزل ، وعدّى فعل (أنزل) هنا بحرف (على) باعتبار أنّ الإنزال يقتضي علوّا فوصول الشيء المنزل وصول استعلاء وعدّي في آية سورة البقرة بحرف (إلى) باعتبار أنّ الإنزال يتضمن الوصول وهو يتعدّى بحرف (إلى). والجملة اعتراض. واستئناف : لتلقين النبي عليهالسلام والمسلمين كلاما جامعا لمعنى الإسلام ليدوموا عليه ، ويعلن به للأمم ، نشأ عن قوله : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) [آل عمران : ٨٣].
ومعنى : (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) أننا لا نعادي الأنبياء ، ولا يحملنا حبّ نبيئنا على كراهتهم ، وهذا تعريض باليهود والنصارى ، وحذف المعطوف وتقديره لا نفرق بين أحد وآخر ، وتقدم نظير هذه الآية في سورة البقرة. وهذه الآية شعار الإسلام وقد قال الله تعالى : (وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ) [آل عمران : ١١٩].
وهنا انتهت المجادلة مع نصارى نجران.
(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٨٥))
عطف على جملة (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) وما بينهما اعتراض ، كما علمت ، وهذا تأييس لأهل الكتاب من النجاة في الآخرة ، وردّ لقولهم : نحن على ملة إبراهيم ، فنحن ناجون على كلّ حال. والمعنى من يبتغ غير الإسلام بعد مجيء الإسلام. وقرأه الجميع بإظهار حرفي الغين من كلمة (مَنْ يَبْتَغِ) وكلمة (غَيْرَ) وروى السوسي عن أبي عمرو إدغام إحداهما في الأخرى وهو الإدغام الكبير.
(كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٨٦))
استئناف ابتدائي يناسب ما سبقه من التنويه بشرف الإسلام.
(وكيف) استفهام إنكاري والمقصود إنكار أن تحصل لهم هداية خاصة وهي إما