المرتدّين والمحاربين من العتبية قال : «ما آية في كتاب الله أشدّ على أهل الاختلاف من أهل الأهواء من هذه الآية» يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه» قال مالك : إنّما هذه لأهل القبلة. يعني أنّها ليست للّذين تفرّقوا واختلفوا من الأمم قبلنا بدليل قوله (أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) ورواه أبو غسّان مالك الهروي عن مالك عن ابن عمر ، وروي مثل هذا عن ابن عبّاس ، وعلى هذا الوجه فالمراد الّذين أحدثوا بعد إيمانهم كفرا بالردّة أو بشنيع الأقوال الّتي تفضي إلى الكفر ونقض الشّريعة ، مثل الغرابية من الشيعة الّذين قالوا بأنّ النبوءة لعلي ، ومثل غلاة الإسماعيلية أتباع حمزة بن عليّ ، وأتباع الحاكم العبيدي ، بخلاف من لم تبلغ به مقالته إلى الكفر تصريحا ولا لزوما بيّنا مثل الخوارج والقدرية كما هو مفصّل في كتب الفقه والكلام في حكم المتأوّلين ومن يؤول قولهم إلى لوازم سيّئة.
وذوق العذاب مجاز للإحساس وهو مجاز مشهور علاقته التقييد.
[١٠٨ ، ١٠٩] (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (١٠٨) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (١٠٩))
تذييلات ، والإشارة في قوله (تِلْكَ) إلى طائفة من آيات القرآن السابقة من هذه السورة كما اقتضاه قوله (نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِ).
والتلاوة اسم لحكاية كلام لإرادة تبليغه بلفظه وهي كالقراءة إلّا أن القراءة تختصّ بحكاية كلام مكتوب فيتّجه أن تكون الطائفة المقصودة بالإشارة هي الآيات المبدوءة بقوله تعالى (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ) [آل عمران : ٥٩] إلى هنا لأن ما قبله ختم بتذييل قريب من هذا التذييل ، وهو قوله : (ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ) [آل عمران : ٥٨] فيكون كل تذييل مستقلا بطائفة الجمل الّتي وقع هو عقبها.
وخصّت هذه الطائفة من القرآن بالإشارة لما فيها من الدلائل المثبتة صحة عقيدة الإسلام ، والمبطلة لدعاوي الفرق الثلاث من اليهود والنّصارى والمشركين ، مثل قوله (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ) [آل عمران : ٥٩] وقوله (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) [المائدة : ٧٤] الآية. وقوله (فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) [آل عمران : ٦٦] الآية. وقوله (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) [آل عمران : ٦٨] الآية. وقوله (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ) [آل عمران : ٧٩] الآية. وقوله (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) [آل عمران : ٨١] الآية. وقوله (فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها) [آل عمران : ٩٣] وقوله (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ