سلام ، وكان اسمه حصينا وهو من بني قينقاع ، وأخيه ، وعصمته خالدة ، وسعية أو سنعة بن غريض بن عاديا التيماوي ، وهو ابن أخي السموأل بن عاديا ، وثعلبة بن سعية ، وأسد بن سعية القرظي ، وأسد بن عبيد القرظي ، ومخيريق من بني النضير أو من بني قينقاع ، ومثل أصمحة النّجاشي ، فإنّه آمن بقلبه وعوّض عن إظهاره إعمال الإسلام نصره للمسلمين ، وحمايته لهم ببلده ، حتّى ظهر دين الله ، فقبل الله منه ذلك ، ولذلك أخبر رسول اللهصلىاللهعليهوسلم عنه بأنّه كان مؤمنا وصلى عليه حين أوحي إليه بموته. ويحتمل أن يكون المعنى من أهل الكتاب فريق متّق في دينه ، فهو قريب من الإيمان بمحمّد صلىاللهعليهوسلم ، وهؤلاء مثل من بقي متردّدا في الإيمان من دون أن يتعرّض لأذى المسلمين ، مثل النّصارى من نجران ونصارى الحبشة ، ومثل مخيريق اليهودي قبل أن يسلم ، على الخلاف في إسلامه ، فإنّه أوصى بماله لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فالمراد بإيمانهم صدق الإيمان بالله وبدينهم. وفريق منهم فاسق عن دينه ، محرّف له ، مناو لأهل الخير ، كما قال تعالى : (وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ) مثل الذين سمّوا الشاة لرسول الله يوم خيبر ، والذين حاولوا أن يرموا عليه صخرة.
(لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١١١))
استئناف نشأ عن قوله (وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ) [آل عمران : ١١٠] لأن الإخبار عن أكثرهم بأنّهم غير مؤمنين يؤذن بمعاداتهم للمؤمنين ، وذلك من شأنه أن يوقع في نفوس المسلمين خشية من بأسهم ، وهذا يختصّ باليهود ، فإنّهم كانوا منتشرين حيال المدينة في خيبر ، والنضير ، وقينقاع ، وقريظة ، وكانوا أهل مكر ، وقوة ، ومال ، عدّة ، والمسلمون يومئذ في قلّة فطمأن الله المسلمين بأنّهم لا يخشون بأس أهل الكتاب ، ولا يخشون ضرّهم ، لكن أذاهم.
أمّا النّصارى فلا ملابسة بينهم وبين المسلمين حتّى يخشوهم. والأذى هو الألم الخفيف وهو لا يبلغ حد الضرّ الّذي هو الألم ، وقد قيل : هو الضرّ بالقول ، فيكون كقول إسحاق بن خلف :
أخشى فظاظة عمّ أو جفاء أخ |
|
وكنت أبقى عليها من أذى الكلم |
ومعنى (يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ) يفرّون منهزمين.