لتقرعنّ على السنّ من ندم |
|
إذا تذكرت يوما بعض أخلاقي |
و (مِنَ الْغَيْظِ) (من) للتعليل. والغيظ : غضب شديد يلازمه إرادة الانتقام.
وقوله : (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ) كلام لم يقصد به مخاطبون معيّنون لأنّه دعاء على الّذين يعضّون الأنامل من الغيظ ، وهم يفعلون ذلك إذا خلوا ، فلا يتصوّر مشافهتهم بالدّعاء على التّعيين ولكنّه كلام قصد إسماعه لكلّ من يعلم من نفسه الاتّصاف بالغيظ على المسلمين وهو قريب من الخطاب الّذي يقصد به عموم كل مخاطب نحو : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ) [السجدة : ١٢].
والدعاء عليهم بالموت بالغيظ صريحه طلب موتهم بسبب غيظهم ، وهو كناية عن ملازمة الغيظ لهم طول حياتهم إن طالت أو قصرت ، وذلك كناية عن دوام سبب غيظهم ، وهو حسن حال المسلمين ، وانتظام أمرهم ، وازدياد خيرهم ، وفي هذا الدعاء عليهم بلزوم ألم الغيظ لهم ، وبتعجيل موتهم به ، وكلّ من المعنيين المكني بهما مراد هنا ، والتكنّي بالغيظ وبالحسد عن كمال المغيظ منه المحسود مشهور ، والعرب تقول : فلان محسّد ، أي هو في حالة نعمة وكمال.
(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ).
تذييل لقوله : (عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) وما بينها كالاعتراض أي أنّ الله مطّلع عليهم وهو مطلعك على دخائلهم.
(إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (١٢٠))
(إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها).
زاد الله كشفا لما في صدورهم بقوله : (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ) أي تصبكم حسنة والمسّ الإصابة ، ولا يختصّ أحدهما بالخير والآخر بالشرّ ، فالتّعبير بأحدهما في جانب الحسنة ، وبالآخر في جانب السيّئة ، تفنّن ، وتقدّم عند قوله تعالى : (كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ) في سورة البقرة [٢٧٥].
والحسنة والسيّئة هنا الحادثة أو الحالة الّتي تحسن عند صاحبها أو تسوء وليس المراد بهما هنا الاصطلاح الشّرعي.