عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١٢٦) لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ (١٢٧) لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ (١٢٨))
يجوز أن تكون جملة (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى) في موضع الحال من اسم الجلالة في قوله : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ) [البقرة : ١٢٣] والمعنى لقد نصركم الله ببدر حين تقول للمؤمنين ما وعدك الله به في حال أنّ الله ما جعل ذلك الوعد إلّا بشرى لكم وإلّا فإنّه وعدكم النصر كما في قوله تعالى : (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ) [الأنفال: ٧٠] الآية.
ويجوز أن يكون الواو للعطف عطف الإخبار على التذكير والامتنان. وإظهار اسم الجلالة في مقام الإضمار للتنويه بهذه العناية من الله بهم ، والخطاب للنبيصلىاللهعليهوسلم والمسلمين.
وضمير النصب في قوله : (جَعَلَهُ) عائد إلى الإمداد المستفاد من (يُمْدِدْكُمْ) [آل عمران : ١٢٥] أو إلى الوعد المستفاد من قوله : (إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) [آل عمران: ١٢٥] الآية.
والاستثناء مفرّغ. و (بُشْرى) مفعول ثان ل (جعله) أي ما جعل الله الإمداد والوعد به إلّا أنّه بشرى ، أي جعله بشرى ، ولم يجعله غير ذلك.
و (لكم) متعلّق ب (بشرى). وفائدة التصريح به مع ظهور أن البشرى إليهم هي الدلالة على تكرمة الله تعالى إيّاهم بأن بشّرهم بشرى لأجلهم كما في التصريح بذلك في قوله تعالى : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) [الشرح : ١].
والبشرى اسم لمصدر بشّر كالرّجعى ، والبشرى خبر بحصول ما فيه نفع ومسرّة للمخبر به ، فإنّ الله لمّا وعدهم بالنّصر أيقنوا به فكان في تبيين سببه وهو الإمداد بالملائكة طمأنة لنفوسهم لأنّ النفوس تركن إلى الصّور المألوفة.
والطمأنة والطّمأنينة : السكون وعدم الاضطراب ، واستعيرت هنا ليقين النّفس بحصول الأمر تشبيها للعلم الثابت بثبات النفس أي عدم اضطرابها ، وتقدّمت عند قوله تعالى : (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ـ في سورة البقرة [٢٦٠] ـ.
وعطف (وَلِتَطْمَئِنَ) على (بُشْرى) فكان داخلا في حيّز الاستثناء فيكون استثناء من علل ، أي ما جعله الله لأجل شيء إلّا لأجل أن تطمئن قلوبكم به.