مبتكرات القرآن ، وقريب منها قوله : (وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) [الممتحنة : ٤] وسيجيء قريب منها في قوله الآتي : (يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ) [آل عمران : ١٥٤] و (يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا) [آل عمران : ١٥٤] فإن كانت حكاية قولهم بلفظه ، فقد دلّ على أنّ هذه الكلمة مستعملة عند العرب ، وإن كان حكاية بالمعنى فلا.
وقوله : (فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) إشارة إلى أنّهم بالعقوبة أجدر ، وأنّ التّوبة عليهم إن وقعت فضل من الله تعالى.
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢٩))
تذييل لقوله : (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ) مشير إلى أن هذين الحالين على التوزيع بين المشركين ، ولمّا كان مظنّة التطلّع لمعرفة تخصيص فريق دون فريق ، أو تعميم العذاب ، ذيّله بالحوالة على إجمال حضرة الإطلاق الإلهية ، لأنّ أسرار تخصيص كلّ أحد بما يعيّن له ، أسرار خفيّة لا يعلمها إلّا الله تعالى ، وكلّ ميسّر لما خلق له.
[١٣٠ ـ ١٣٢] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (١٣١) وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٣٢))
لو لا أنّ الكلام على يوم أحد لم يكمل ، إذ هو سيعاد عند قوله تعالى : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ) إلى قوله : (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ ...) [آل عمران : ١٧١] الآية لقلنا إنّ قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا) اقتضاب تشريع ، ولكنّه متعيّن لأن نعتبره استطرادا في خلال الحديث عن يوم أحد ، ثمّ لم يظهر وجه المناسبة في وقوعه في هذا الأثناء. قال ابن عطية : ولا أحفظ سببا في ذلك مرويا. وقال الفخر : من النّاس من قال : لمّا أرشد الله المؤمنين إلى الأصلح لهم في أمر الدين والجهاد أتبع ذلك بما يدخل في الأمر والنّهي فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا) فلا تعلّق لها بما قبلها.
وقال القفّال : لمّا أنفق المشركون على جيوشهم أموالا جمعوها من الربا ، خيف أن يدعو ذلك المسلمين إلى الإقدام على الرّبا. وهذه مناسبة مستبعدة. وقال ابن عرفة : لمّا ذكر الله وعيد الكفار عقّبه ببيان أن الوعيد لا يخصّهم بل يتناول العصاة ، وذكر أحد صور