حتّى يقولوا إذا مرّوا على جدثي |
|
أرشدك الله من غاز وقد رشدا |
وعلى هذا الاحتمال فالضّمير راجع إلى الموت ، بمعنى أسبابه ، تنزيلا لرؤية أسبابه منزلة رؤيته ، وهو كالاستخدام ، وعندي أنّه أقرب من الاستخدام لأنّه عاد إلى أسباب الموت باعتبار تنزيلها منزلة الموت.
(وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤))
عطف الإنكار على الملام المتقدّم في قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ) [آل عمران : ١٤٢] وقوله : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ) [آل عمران : ١٤٣] وكلّ هاته الجمل ترجع إلى العتاب والتقريع على أحوال كثيرة ، كانت سبب الهزيمة يوم أحد ، فيأخذ كلّ من حضر الوقعة من هذا الملام بنصيبه المناسب لما يعلمه من حاله ظاهرا كان أم باطنا.
والآية تشير إلى ما كان من المسلمين من الاضطراب حين أرجف بموت الرّسول صلىاللهعليهوسلم فقال المنافقون : لو كان نبيّا ما قتل ، فارجعوا إلى دينكم القديم وإخوانكم من أهل مكّة ونكلّم عبد الله بن أبي يأخذ لنا أمانا من أبي سفيان ، فهمّوا بترك القتال والانضمام للمشركين ، وثبت فريق من المسلمين ، منهم : أنس بن النضر الأنصاري ، فقال : إن كان قتل محمد فإنّ ربّ محمد حيّ لا يموت ، وما تصنعون بالحياة بعده ، فقاتلوا على ما قاتل عليه.
ومحمد اسم رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلىاللهعليهوسلم سمّاه به جدّه عبد المطلب وقيل له : لم سمّيته محمّدا وليس من أسماء آبائك؟ فقال : رجوت أن يحمده النّاس. وقد قيل : لم يسمّ أحد من العرب محمدا قبل رسول الله. ذكر السهيلي في «الروض» أنّه لم يسمّ به من العرب قبل ولادة رسول الله إلّا ثلاثة : محمد بن سفيان بن مجاشع ، جدّ جدّ الفرزدق ، ومحمد بن أحيحة بن الجلاح الأوسي. ومحمد بن حمران من ربيعة.
وهذا الاسم منقول من اسم مفعول حمّده تحميدا إذا أكثر من حمده ، والرسول فعول بمعنى مفعول مثل قولهم : حلوب وركوب وجزور.
ومعنى (خَلَتْ) مضت وانقرضت كقوله : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ) [آل عمران : ١٣٧]