كدخان مشعلة يشبّ ضرامها
مع زيادة بيان اشتهارهم هم بمضمون الصلة.
والاشتراء مستعار للاستبدال كما تقدّم في قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) في سورة البقرة [١٦].
(وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٧٨))
عطف على قوله : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً) [آل عمران : ١٦٩] والمقصود مقابلة الإعلام بخلاف الحسبان في حالتين : إحداهما تلوح للناظر حالة ضرّ ، والأخرى تلوح حالة خير ، فأعلم الله أن كلتا الحالتين على خلاف ما يتراءى للناظرين.
ويجوز كونه معطوفا على قوله : (وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) [آل عمران : ١٧٦] إذ نهاه عن أن يكون ذلك موجبا لحزنه ، لأنهم لا يضرّون الله شيئا ، ثم ألقى إليه خبرا لقصد إبلاغه إلى المشركين وإخوانهم المنافقين : أن لا يحسبوا أن بقاءهم نفع لهم بل هو إملاء لهم يزدادون به آثاما ، ليكون أخذهم بعد ذلك أشدّ. وقرأه الجمهور (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ـ بياء الغيبة ـ وفاعل الفعل (الذين كفروا) ، وقرأه حمزة وحده ـ بتاء الخطاب ـ.
فالخطاب إما للرسول ـ عليهالسلام ـ وهو نهي عن حسبان لم يقع ، فالنهي للتحذير منه أو عن حسبان هو خاطر خطر للرسول صلىاللهعليهوسلم ، غير أنّه حسبان تعجّب ، لأنّ الرسول يعلم أنّ الإملاء ليس خيرا لهم ، أو المخاطب الرسول والمقصود غيره ، ممّن يظنّ ذلك من المؤمنين على طريقة التعريض مثل (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) [الزمر : ٦٥] ، أو المراد من الخطاب كلّ مخاطب يصلح لذلك.
وعلى قراءة ـ الياء التحتية ـ فالنهي مقصود به بلوغه إليهم ليعلموا سوء عاقبتهم ، ويمرّ عيشهم بهذا الوعيد ، لأنّ المسلمين لا يحسبون ذلك من قبل والإملاء : الإمهال في الحياة ، والمراد به هنا تأخير حياتهم ، وعدم استئصالهم في الحرب ، حيث فرحوا بالنصر يوم أحد ، وبأنّ قتلى المسلمين يوم أحد كانوا أكثر من قتلاهم.
ويجوز أن يراد بالإملاء التخلية بينهم وبين أعمالهم في كيد المسلمين وحربهم وعدم