(وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) [يس : ٨٦].
الرابع : أن يكون ساعيا لتعرّف مراد الله تعالى من الناس ، ليجري أعماله على وفقه ، وذلك بالإصغاء إلى دعوة الرسل المخبرين بأنّهم مرسلون من الله ، وتلقّيها بالتأمّل في وجود صدقها ، والتمييز بينها وبين الدعاوي الباطلة ، بدون تحفّز للتكذيب ، ولا مكابرة في تلقّي الدعوة ، ولا إعراض عنها بداعي الهوى وهو الإفحام ، بحيث يكون علمه بمراد الله من الخلق هو ضالته المنشودة.
الخامس : امتثال ما أمر الله به ، واجتناب ما نهى عنه ، على لسان الرسل الصادقين ، والمحافظة على اتّباع ذلك بدون تغيير ولا تحريف ، وأن يذود عنه من يريد تغييره.
السادس : ألّا يجعل لنفسه حكما مع الله فيما حكم به ، فلا يتصدّى للتحكّم في قبول بعض ما أمر الله به ونبذ البعض. كما حكى الله تعالى : (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) [النور : ٤٨ ، ٤٩] ، وقد وصف الله المسلمين بقوله : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب : ٣٦] ، فقد أعرض الكفّار عن الإيمان بالبعث ؛ لأنّهم لم يشاهدوا ميّتا بعث.
السابع : أن يكون متطلّبا لمراد الله ممّا أشكل عليه فيه ، واحتاج إلى جريه فيه على مراد الله : بتطلّبه من إلحاقه بنظائره التامة التنظير بما علم أنّه مراد الله ، كما قال الله تعالى : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [النساء : ٨٣] ولهذا أدخل علماء الإسلام حكم التفقّه في الدين والاجتهاد ، تحت التقوى المأمور بها في قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن : ١٦].
الثامن : الإعراض عن الهوى المذموم في الدين ، وعن القول فيه بغير سلطان : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ) [القصص : ٥٠].
التاسع : أن تكون معاملة أفراد الأمة بعضها بعضا ، وجماعاتها ، ومعاملتها الأمم كذلك ، جارية على مراد الله تعالى من تلك المعاملات.
العاشر : التصديق بما غيّب عنّا ، مما أنبأنا الله به : من صفاته ، ومن القضاء والقدر ، وأنّ الله هو المتصرّف المطلق.
وقوله : (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ) إبطال لكونهم حاصلين على