تودّ عدوي ثم تزعم أنّني |
|
صديقك ليس النوك عنك بعازب |
وجملة (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) في قوة التذييل مثل جملة (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة : ٢٨٤] المتقدمة. ولم يذكر متعلّق للصفتين ليكون الناس ساعين في تحصيل أسباب المغفرة والرحمة.
(قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٣٢))
عودة إلى الموعظة بطريق الإجمال البحت : فذلكة للكلام ، وحرصا على الإجابة ، فابتدأ الموعظة أولا بمقدمة وهي قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) [آل عمران : ١٠] ثم شرع في الموعظة بقوله : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ) [آل عمران : ١٢] الآية. وهو ترهيب ثم بذكر مقابله في الترغيب بقوله : (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ) [آل عمران : ١٥] الآية ثم بتأييد ما عليه المسلمون بقوله : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) [آل عمران : ١٨] الآية وفي ذلك تفصيل كثير. ثم جاء بطريق المجادلة بقوله : (فَإِنْ حَاجُّوكَ) [آل عمران : ٢٠] الآية ثم بترهيب بغير استدلال صريح ولكن بالإيماء إلى الدليل وذلك قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍ) [آل عمران : ٢١] ثم بطريق التهديد والإنذار التعريضي بقوله : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ) [آل عمران : ٢٦] الآيات. ثم أمر بالقطيعة في قوله : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ) [آل عمران : ٢٨]. وختم بذكر عدم محبة الكافرين ردّا للعجز على الصدر المتقدم في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ) [آل عمران : ١٠] الآية ليكون نفي المحبة عن جميع الكافرين ، نفيا عن هؤلاء الكافرين المعيّنين.
[٣٣ ، ٣٤] (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤))
انتقال من تمهيدات سبب السورة إلى واسطة بين التمهيد والمقصد ، كطريقة التخلّص ، فهذا تخلّص لمحاجّة وفد نجران وقد ذكرناه في أول السورة ، فابتدئ هنا بذكر آدم ونوح وهما أبوا البشر أو أحدهما وذكر إبراهيم وهو أبو المقصودين بالتفضيل وبالخطاب. فأما آدم فهو أبو البشر باتفاق الأمم كلها إلّا شذوذا من أصحاب النزعات الإلحادية الذين ظهروا في أوروبا واخترعوا نظرية تسلسل أنواع الحيوان بعضها من بعض وهي نظرية فائلة.