السرّة طويل القامة جسيما طويل اللحية ، قيل : إنّ مدفنه بالعراق في نواحي الكوفة ، وقيل في ذيل جبل لبنان ، وقيل بمدينة الكرك ، وسيأتي ذكر الطوفان : في سورة الأعراف ، وفي سورة العنكبوت ، وذكر شريعته في سورة الشورى ، وفي سورة نوح.
والآل : الرهط ، وآل إبراهيم : أبناؤه وحفيده وأسباطه ، والمقصود تفضيل فريق منهم. وشمل آل إبراهيم الأنبياء من عقبه كموسى ، ومن قبله ومن بعده ، وكمحمد عليه الصلاة والسلام ، وإسماعيل ، وحنظلة بن صفوان ، وخالد بن سنان.
وأما آل عمران : فهم مريم ، وعيسى ، فمريم بنت عمران بن ماتان كذا سماه المفسرون ، وكان من أحبار اليهود ، وصالحيهم ، وأصله بالعبرانية عمرام بميم في آخره فهو أبو مريم ، قال المفسّرون : هو من نسل سليمان بن داود ، وهو خطأ ، والحق أنه من نسل هارون أخي موسى ، كما سيأتي قريبا. وفي كتب النصارى : أنّ اسمه يوهاقيم ، فلعله كان له اسمان ومثله كثير. وليس المراد هنا عمران والد موسى وهارون ؛ إذ المقصود هنا التمهيد لذكر مريم وابنها عيسى بدليل قوله : (إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ).
وتقدم الكلام على احتمال معنى الآل عند قوله تعالى : (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) في سورة البقرة [٤٩] ولكنّ الآل هنا متعين للحمل على رهط الرجل وقرابته.
ومعنى اصطفاء هؤلاء على العالمين اصطفاء المجموع على غيرهم ، أو اصطفاء كلّ فاضل منهم على أهل زمانه.
وقوله : (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ) حال من آل إبراهيم وآل عمران. والذرية تقدم تفسيرها عند قوله تعالى : (قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) في سورة البقرة [١٢٤] وقد أجمل البعض هنا : لأنّ المقصود بيان شدّة الاتصال بين هذه الذرية ، فمن للاتصال لا للتبعيض أي بين هذه الذرية اتّصال القرابة ، فكل بعض فيها هو متّصل بالبعض الآخر ، كما تقدم في قوله تعالى : (فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ) [آل عمران : ٢٨].
والغرض من ذكر هؤلاء تذكير اليهود والنصارى بشدّة انتساب أنبيائهم إلى النبي محمدصلىاللهعليهوسلم ، فما كان ينبغي أن يجعلوا موجب القرابة موجب عداوة وتفريق. ومن هنا ظهر موقع قوله : (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أي سميع بأقوال بعضكم في بعض هذه الذرية : كقول اليهود في عيسى وأمه ، وتكذيبهم وتكذيب اليهود والنصارى لمحمد صلىاللهعليهوسلم.
[٣٥ ، ٣٦] (إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي