(وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) جملة مستأنفة فالآية غير منسوخة ؛ فقال ابن عباس في رواية ابن جبير عنه في «البخاري» هي ناسخة لتوريث المتآخين من المهاجرين والأنصار ، لأنّ قوله : (مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) حصر الميراث في القرابة ، فتعيّن على هذا أنّ قوله : (فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) أي نصيب الذين عاقدت أيمانكم من النصر والمعونة ، أو فآتوهم نصيبهم بالوصية ، وقد ذهب الميراث. وقال سعيد بن المسيّب : نزلت في التبنّي أمرا بالوصية للمتبنّى. وعن الحسن أنّها في شأن الموصى له إذا مات قبل موت الموصي أن تجعل الوصية لأقاربه لزوما.
وقرأ الجمهور : عاقدت ـ بألف بعد العين ـ. وقرأه حمزة ، وعاصم ، والكسائي ، وخلف : (عَقَدَتْ) ـ بدون ألف ومع تخفيف القاف ـ.
والفاء في قوله : (فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) فاء الفصيحة على جعل قوله : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) معطوفا على (الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) ، أو هي زائدة في الخبر إن جعل (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ) مبتدأ على تضمين الموصول معنى الشرطية. والأمر في الضمير المجرور على الوجهين ظاهر.
(الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ وَاللاَّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً (٣٤))
استئناف ابتدائي لذكر تشريع في حقوق الرجال وحقوق النساء والمجتمع العائلي.
وقد ذكر عقب ما قبله لمناسبة الأحكام الراجعة إلى نظام العائلة ، لا سيما أحكام النساء ، فقوله : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) أصل تشريعي كلّيّ تتفرّع عنه الأحكام التي في الآيات بعده ، فهو كالمقدّمة.
وقوله : (فَالصَّالِحاتُ) تفريع عنه مع مناسبته لما ذكر من سبب نزول (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ) [النساء : ٣٢] فيما تقدّم.
والحكم الذي في هذه الآية حكم عامّ جيء به لتعليل شرع خاصّ.
فلذلك فالتعريف في (الرِّجالُ) و (النِّساءِ) للاستغراق ، وهو استغراق عرفي مبني