النبوءة ، والملك : هو ما وعد الله به إبراهيم أن يعطيه ذريّته وما آتى الله داود وسليمان وملوك إسرائيل.
وضمير (مِنْهُمْ) يجوز أن يعود إلى ما عاد إليه ضمير (يَحْسُدُونَ). وضمير (بِهِ) يعود إلى الناس المراد منه محمّد ـ عليهالسلام ـ : أي فمن الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من آمن بمحمّد ، ومنهم من أعرض. والتفريع في قوله : (فَمِنْهُمْ) على هذا التفسير ناشئ على قوله (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ). ويجوز أن يعود ضمير (فَمِنْهُمْ) إلى آل إبراهيم ، وضمير (بِهِ) إلى إبراهيم ، أي فقد آتيناهم ما ذكر. ومن آله من آمن به ، ومنهم من كفر مثل أبيه آزر ، وامرأة ابن أخيه لوط ، أي فليس تكذيب اليهود محمّدا بأعجب من ذلك ، (سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا) [الإسراء : ٧٧] ، ليكون قد حصل الاحتجاج عليهم في الأمرين في إبطال مستند تكذيبهم ؛ بإثبات أنّ إتيان النبوءة ليس ببدع ، وأن محمّدا من آل إبراهيم ، فليس إرساله بأعجب من إرسال موسى. وفي تذكيرهم بأنّ هذه سنّة الأنبياء حتى لا يعدّوا تكذيبهم محمّدا صلىاللهعليهوسلم ثلمة في نبوءته ، إذ لا يعرف رسولا أجمع أهل دعوته على تصديقه من إبراهيم فمن بعده.
وقوله : (وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً) تهديد ووعيد للّذين يؤمنون بالجبت والطاغوت. وتفسير هذا التركيب تقدّم آنفا في قوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا) من هذه السورة [النساء: ٤٥].
[٥٦ ، ٥٧] (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (٥٦) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (٥٧))
تهديد ووعيد لجميع الكافرين ، فهي أعمّ ممّا قبلها ، فلها حكم التذييل ، ولذلك فصلت. والإصلاء : مصدر أصلاه ، ويقال : صلاه صليا ، ومعناه شيّ اللحم على النار ، وقد تقدّم الكلام على (صلى) عند قوله تعالى : (وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) [النساء : ١٠] وقوله : (فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً) في هذه السورة [النساء : ٣٠] ، وتقدّم أيضا الكلام على (سوف) في الآية الأخيرة. و (نُصْلِيهِمْ) ـ بضم النون ـ من الإصلاء. و (نَضِجَتْ) بلغت نهاية الشّيء ، يقال : نضج الشّواء إذا بلغ حدّ الشّيء ، ويقال : نضج الطبيخ إذا بلغ حدّ الطبخ. والمعنى : كلّما احترقت جلودهم ، فلم يبق فيها حياة وإحساس. بدّلناهم ، أي عوّضناهم جلودا غيرها ،