وجزاء ، أي في معنى جواب لكلام سبقها ولا تختصّ بالسؤال ، فأدخلت في جواب (لو) بعطفها على الجواب تأكيدا لمعنى الجزاء ، فقد أجيبت (لو) في الآية بجوابين في المعنى لأنّ المعطوف على الجواب جواب ، ولا يحسن اجتماع جوابين إلّا بوجود حرف عطف. وقريب ممّا في هذه الآية قول العنبري في الحماسة :
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي |
|
بنو اللّقيطة من ذهل بن شيبانا |
إذن لقام بنصري معشر خشن |
|
عند الحفيظة إن ذو لوثة لانا |
قال المرزوقي : يجوز أن يكون (إذن لقام) جواب : (لو كنت من مازن) في البيت السابق كأنّه أجيب بجوابين. وجعل الزمخشري قوله : (وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ) جواب سؤال مقدّر ، كأنّه : قيل وما ذا يكون لهم بعد التثبيت ، فقيل : وإذن لآتيناهم. قال التفتازاني : «على أن الواو للاستئناف» ، أي لأنّ العطف ينافي تقدير سؤال. والحقّ أنّ ما صار إليه في «الكشّاف» تكلّف لا داعي إليه إلّا التزام كون (إذن) حرفا لجواب سائل ، والوجه أنّ الجواب هو ما يتلقّى به كلام آخر سواء كان سؤالا أو شرطا أو غيرهما.
وقوله : (وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) أي لفتحنا لهم طرق العلم والهداية ، لأنّ تصدّيهم لامتثال ما أمروا به هو مبدأ تخلية النفوس عن التعلق بأوهامها وعوائدها الحاجبة لها عن درك الحقائق ، فإذا ابتدءوا يرفضون هذه المواقع فقد استعدّوا لتلقّي الحكمة والكمالات النفسانية ففاضت عليهم المعارف تترى بدلالة بعضها على بعض وبتيسير الله صعبها بأنوار الهداية والتوفيق ، ولا شكّ أنّ الطاعة مفتاح المعارف بعد تعاطي أسبابها.
[٦٩ ـ ٧٠] (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (٦٩) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً (٧٠))
تذييل لجملة : (وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً) [النساء : ٦٧] وإنّما عطفت باعتبار إلحاقها بجملة : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ) على جملة (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ) [النساء : ٦٦]. وجيء باسم الإشارة في جملة جواب الشرط للتنبيه على جدارتهم بمضمون الخبر عن اسم الإشارة لأجل مضمون الكلام الذي قبل اسم الإشارة. والمعيّة معيّة المنزلة في الجنة وإن وإن كانت الدرجات متفاوتة.
ومعنى (مَنْ يُطِعِ) من يتّصف بتمام معنى الطاعة ، أي أن لا يعصي الله ورسوله.