الرسول ، فقد ارتدّ بعض العرب بعد الرسول صلىاللهعليهوسلم. وقال الحطيئة في ذلك :
أطعنا رسول الله إذ كان بيننا |
|
فيا لعباد الله ما لأبي بكر |
فكانوا ممّن اتّبع غير سبيل المؤمنين ولم يشاقّوا الرسول.
ومعنى قوله : (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى) الإعراض عنه ، أي نتركه وشأنه لقلّة الاكتراث به ، كما ورد في الحديث «وأمّا الآخر فأعرض الله عنه».
وقد شاع عند كثير من علماء أصول الفقه الاحتجاج بهذه الآية ، لكون إجماع علماء الإسلام على حكم من الأحكام حجّة ، وأوّل من احتجّ بها على ذلك الشافعي. قال الفخر : «روي أنّ الشافعي سئل عن آية في كتاب الله تدلّ على أنّ الإجماع حجّة فقرأ القرآن ثلاثمائة مرة حتّى وجد هذه الآية. وتقرير الاستدلال أنّ اتّباع غير سبيل المؤمنين حرام ، فوجب أن يكون اتّباع سبيل المؤمنين واجبا. بيان المقدمة الأولى : أنّه تعالى ألحق الوعيد بمن يشاقق الرسول ويتّبع غير سبيل المؤمنين ، ومشاقّة الرسول وحدها موجبة لهذا الوعيد ، فلو لم يكن اتّباع غير سبيل المؤمنين موجبا له ، لكان ذلك ضمّا لما لا أثر له في الوعيد إلى ما هو مستقلّ باقتضاء ذلك الوعيد ، وأنّه غير جائز ، فثبت أنّ اتّباع غير سبيل المؤمنين حرام ، فإذا ثبت هذا لزم أن يكون اتّباع سبيلهم واجبا». وقد قرّر غيره الاستدلال بالآية على حجّيّة الإجماع بطرق أخرى ، وكلّها على ما فيها من ضعف في التقريب ، وهو استلزام الدليل للمدّعي ، قد أوردت عليها نقوض أشار إليها ابن الحاجب في «المختصر». واتّفقت كلمة المحقّقين : الغزالي ، والإمام في «المعالم» ، وابن الحاجب ، على توهين الاستدلال بهذه الآية على حجّيّة الإجماع.
(إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (١١٦))
استئناف ابتدائي ، جعل تمهيدا لما بعده من وصف أحوال شركهم. وتعقيب الآية السابقة بهذه مشير إلى أنّ المراد باتّباع غير سبيل المؤمنين اتّباع سبيل الكفر من شرك وغيره ، فعقّبه بالتحذير من الشرك ، وأكّده بأنّ للدلالة على رفع احتمال المبالغة أو المجاز. وتقدّم القول في مثل هذه الآية قريبا. غير أنّ الآية السابقة قال فيها (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) [النساء : ٤٨] وقال في هذه (فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) وإنّما قال في السابقة (فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) لأنّ المخاطب فيها أهل الكتاب بقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ