وقيل : الخطاب لكفار العرب ، أي ليس بأمانيّ المشركين ، إذ جعلوا الأصنام شفعاءهم عند الله ، ولا أمانيّ أهل الكتاب الذين زعموا أنّ أنبياءهم وأسلافهم يغنون عنهم من عذاب الله ، وهو محمل للآية.
وقوله : (وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) زيادة تأكيد ، لردّ عقيدة من يتوهّم أنّ أحدا يغني عن عذاب الله.
والوليّ هو المولى ، أي المشارك في نسب القبيلة ، والمراد به المدافع عن قريبه ، والنصير الذي إذا استنجدته نصرك ، أو الحليف ، وكان النصر في الجاهلية بأحد هذين النوعين.
ووجه قوله : (مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) قصد التعميم والردّ على من يحرم المرأة حظوظا كثيرة من الخير من أهل الجاهلية أو من أهل الكتاب. وفي الحديث «وليشهدن الخير ودعوة المسلمين». و (من) لبيان الإبهام الذي في (من) الشرطية في قوله : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ).
وقرأ الجمهور (يَدْخُلُونَ) ـ بفتح التحتية وضمّ الخاء ـ. وقرأه ابن كثير ، وأبو عمرو ، وأبو بكر عن عاصم ، وأبو جعفر ، وروح عن يعقوب ـ بضمّ التحتيّة وفتح الخاء ـ على البناء للنائب.
[١٢٥ ، ١٢٦] (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً (١٢٥) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً (١٢٦))
الأظهر أنّ الواو للحال من ضمير (يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) [النساء : ١٢٤] الذي ما صدقه المؤمنون الصالحون ، فلما ذكر ثواب المؤمنين أعقبه بتفضيل دينهم. والاستفهام إنكاري. وانتصب (دِيناً) على التمييز. وإسلام الوجه كناية عن تمام الطاعة والاعتراف بالعبودية ، وهو أحسن الكنايات ، لأنّ الوجه أشرف الأعضاء ، وفيه ما كان به الإنسان إنسانا ، وفي القرآن (فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ) [آل عمران : ٢٠]. والعرب تذكر أشياء من هذا القبيل كقوله : (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) [العلق : ١٥] ، ويقولون : أخذ بساقه ، أي تمكن منه ، وكأنّه تمثيل لإمساك الرعاة الأنعام. وفي الحديث «الطلاق لمن أخذ بالساق» ويقولون : ألقى إليه القياد ، وألقى إليه الزمام ، وقال زيد بن عمرو بن نفيل :