إنّ هي إلّا حظة أو تطليق |
|
أو صلف أو بين ذاك تعليق (١) |
وقد دلّ قوله : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا) إلى قوله : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) على أنّ المحبّة أمر قهري ، وأنّ للتعلّق بالمرأة أسبابا توجبه قد لا تتوفّر في بعض النساء ، فلا يكلّف الزوج بما ليس في وسعه من الحبّ والاستحسان ، ولكنّ من الحبّ حظّا هو اختياري ، وهو أن يروض الزوج نفسه على الإحسان لامرأته ، وتحمّل ما لا يلائمه من خلقها أو أخلاقها ما استطاع ، وحسن المعاشرة لها ، حتّى يحصّل من الألف بها والحنوّ عليها اختيارا بطول التكرّر والتعوّد. ما يقوم مقام الميل الطبيعي. فذلك من الميل إليها الموصى به في قوله : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) ، أي إلى إحداهنّ أو عن إحداهنّ.
ثم وسّع الله عليهما إن لم تنجح المصالحة بينهما فأذن لهما في الفراق بقوله : (وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ).
وفي قوله : (يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) إشارة إلى أنّ الفراق قد يكون خيرا لهما لأنّ الفراق خير من سوء المعاشرة. ومعنى إغناء الله كلّا : إغناؤه عن الآخر. وفي الآية إشارة إلى أنّ إغناء الله كلّا إنّما يكون عن الفراق المسبوق بالسعي في الصلح.
وقوله : (وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً) تذييل وتنهية للكلام في حكم النساء.
[١٣١ ـ ١٣٣] (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً (١٣١) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (١٣٢) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً (١٣٣))
جملة (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) معترضة بين الجمل التي قبلها المتضمنة التحريض على التقوى والإحسان وإصلاح الأعمال من قوله : (وَإِنْ تُحْسِنُوا
__________________
(١) هذا الرجز منسوب لامرأة يقال لها ابنة الحمارس (بضم الحاء وتخفيف الميم) البكرية وفي رواية : إن هي إلا حظوة ، وهي رواية إصلاح المنطق ، والحظة (بكسر الحاء) والحظوة (بضم الحاء وكسرها) المكانة والقبول عند الزوج. والصلف ضدها. والتعليق الهجران المستمر. والضمير في قولها : إن هي ، يعود إلى المرأة. ومعنى البيت أنها إذا تزوجت لا تدري أتكون ذات حظوة عند الزوج أو يطلقها أو يكرهها أو يعلقها.