إلّا إيمانا قليلا ، وهو من تأكيد الشيء بما يشبه ضدّه إذ الإيمان لا يقبل القلّة والكثرة ، فالقليل من الإيمان عدم ، فهو كفر. وتقدّم في قوله : (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ)[البقرة : ٨٨]. ويجوز أن يكون قلّة الإيمان كناية عن قلّة أصحابه مثل عبد الله بن سلام.
[١٥٦ ـ ١٥٨] (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً (١٥٦) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٥٨))
(وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً (١٥٦) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ).
عطف (وَبِكُفْرِهِمْ) مرّة ثانية على قوله : (فَبِما نَقْضِهِمْ) [النساء : ١٥٥] ولم يستغن عنه بقوله : (وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ) [النساء : ١٥٥] وأعيد مع ذلك حرف الجرّ الذي يغني عنه حرف العطف قصدا للتأكيد ، واعتبر العطف لأجل بعد ما بيّن اللفظين ، ولأنّه في مقام التهويل لأمر الكفر ، فالمتكلّم يذكره ويعيده : يتثبّت ويرى أنّه لا ريبة في إناطة الحكم به ، ونظير هذا التكرير قول لبيد :
فتنازعا سبطا يطير ظلاله |
|
كدخان مشعلة يشبّ ضرامها |
مشمولة غلثت بنابت عرفج |
|
كدخان نار ساطع أسنامها |
فأعاد التشبيه بقوله : (كدخان نار) ليحقّق معنى التشبيه الأوّل. وفي «الكشاف» «تكرّر الكفر منهم لأنّهم كفروا بموسى ثم بعيسى ثم بمحمد ـ صلوات الله عليهم ـ فعطف بعض كفرهم على بعض» ، أي فالكفر الثاني اعتبر مخالفا للذي قبله باعتبار عطف قوله : (وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً). ونظيره قول عويف القوافي :
اللؤم أكرم من وبر ووالده |
|
واللؤم أكرم من وبر وما ولدا |
إذ عطف قوله : (واللؤم أكرم من وبر) باعتبار أنّ الثاني قد عطف عليه قوله : (وما ولدا).
والبهتان مصدر بهته إذا أتاه بقول أو عمل لا يترقّبه ولا يجد له جوابا ، والذي يتعمّد