غير الإسرائيليّين كما في الإصحاح ٢٣ من سفر التثنية «لا تقرض أخاك بربا ربا فضّة أو ربا طعام أو ربا شيء ما ممّا يقرض بربا. للأجنبي تقرض بربا». والربا محرّم عليهم بنصّ التوراة في سفر الخروج في الإصحاح ٢٢ «أن أقرضت فضّة لشعبي الفقير الذي عندك فلا تكن له كالمرابي لا تضعوا عليه ربا» وأكلهم أموال النّاس بالباطل أعمّ من الربا فيشمل الرشوة المحرّمة عندهم ، وأخذهم الفداء على الأسرى من قومهم ، وغير ذلك.
والاستدراك بقوله : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) إلخ ناشئ على ما يوهمه الكلام السابق ابتداء من قوله : (يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ) [النساء : ١٥٣] من توغّلهم في الضلالة حتّى لا يرجى لأحد منهم خير وصلاح ، فاستدرك بأنّ الراسخين في العلم منهم ليسوا كما توهّم ، فهم يؤمنون بالقرآن مثل عبد الله بن سلام ومخيريق.
والراسخ حقيقته الثابت القدم في المشي ، لا يتزلزل ؛ واستعير للتمكّن من الوصف مثل العلم بحيث لا تغرّه الشبه. وقد تقدّم عند قوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) في سورة آل عمران [٧]. والرّاسخ في العلم بعيد عن التكلّف وعن التعنّت ، فليس بينه وبين الحقّ حاجب ، فهم يعرفون دلائل صدق الأنبياء ولا يسألونهم خوارق العادات.
وعطف (الْمُؤْمِنُونَ) على (الرَّاسِخُونَ) ثناء عليهم بأنّهم لم يسألوا نبيّهم أن يريهم الآيات الخوارق للعادة. فلذلك قال (يُؤْمِنُونَ) ، أي جميعهم بما أنزل إليك ، أي القرآن ، وكفاهم به آية ، وما أنزل من قبلك على الرسل ، ولا يعادون رسل الله تعصّبا وحميّة. والمراد بالمؤمنين في قوله : (وَالْمُؤْمِنُونَ) الذين هداهم الله للإيمان من أهل الكتاب ، ولم يكونوا من الراسخين في العلم منهم ، مثل اليهودي الذي كان يخدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وآمن به.
وعطف (الْمُقِيمِينَ) بالنصب ثبت في المصحف الإمام ، وقرأه المسلمون في الأقطار دون نكير ؛ فعلمنا أنّه طريقة عربية في عطف الأسماء الدالّة على صفات محامد ، على أمثالها ، فيجوز في بعض المعطوفات النصب على التخصيص بالمدح ، والرفع على الاستئناف للاهتمام ، كما فعلوا ذلك في النعوت المتتابعة ، سواء كانت بدون عطف أم بعطف ، كقوله تعالى : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ) ـ إلى قوله ـ (وَالصَّابِرِينَ) [البقرة : ١٧٧]. قال سيبويه في «كتابه» «باب ما ينتصب في التعظيم والمدح وإن شئت جعلته صفة فجرى على الأول ، وإن شئت قطعته فابتدأته». وذكر من قبيل ما نحن بصدده هذه الآية فقال : «فلو