على صفة ، لأنّ (إنّما) يليها المقصور ، وهو هنا قصر إضافي ، أي ليس الله بثلاثة.
وقوله : (سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ) إظهار لغلطهم في أفهامهم ، وفي إطلاقاتهم لفظ الأب والابن كيفما كان محملهما لأنّهما إمّا ضلالة وإمّا إيهامها ، فكلمة (سبحانه) تفيد قوة التنزيه لله تعالى عن أن يكون له ولد ، والدلالة على غلط مثبتيه ، فإنّ الإلهية تنافي الكون أبا واتّخاذ ابن ، لاستحالة الفناء ، والاحتياج ، والانفصال ، والمماثلة للمخلوقات عن الله تعالى. والبنوّة تستلزم ثبوت هذه المستحيلات لأنّ النسل قانون كوني للموجودات لحكمة استبقاء النوع ، والناس يتطلّبونها لذلك ، وللإعانة على لوازم الحياة ، وفيها انفصال المولود عن أبيه ، وفيها أنّ الابن مماثلة لأبيه فأبوه مماثل له لا محالة.
و (سبحان) اسم مصدر سبّح ، وليس مصدرا ، لأنّه لم يسمع له فعل سالم. وجزم ابن جني بأنّه علم على التسبيح ، فهو من أعلام الأجناس ، وهو ممنوع من الصرف للعلمية والزيادة. وتقدّم الكلام عليه عند قوله تعالى : (قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) في سورة البقرة [٣٢].
وقوله : (أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ) متعلّق ب (سبحان) حرف الجرّ ، وهو حرف (عن) محذوفا.
وجملة (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) تعليل لقوله : (سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ) لأنّ الذي له ما في السموات وما في الأرض قد استغنى عن الولد ، ولأنّ من يزعم أنّه ولد له هو ممّا في السماوات والأرض كالملائكة أو المسيح ، فالكلّ عبيده وليس الابن بعبد.
وقوله : (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) تذييل ، والوكيل الحافظ ، والمراد هنا حافظ ما في السماوات والأرض ، أي الموجودات كلّها. وحذف مفعول (كفى) للعموم ، أي كفى كلّ أحد ، أي فتوكّلوا عليه ، ولا تتوكّلوا على من تزعمونه ابنا له. وتقدّم الكلام على هذا التركيب عند قوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) في هذه السورة.
[١٧٢ ، ١٧٣] (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (١٧٢) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٧٣))