معادلا.
والاعتصام : اللوذ ، والاعتصام بالله استعارة للوذ بدينه ، وتقدّم في قوله (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً) في سورة آل عمران [١٠٣]. والإدخال في الرحمة والفضل عبارة عن الرضى.
وقوله : (وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً) : تعلّق الجار والمجرور ب (يهدي) فهو ظرف لغو ، و (صِراطاً) مفعول (يهدي) ، والمعنى يهديهم صراطا مستقيما ليصلوا إليه ، أي إلى الله ، وذلك هو متمنّاهم ، إذ قد علموا أنّ وعدهم عنده.
(يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٧٦))
لا مناسبة بين هذه الآية وبين اللّاتي قبلها ، فوقوعها عقبها لا يكون إلّا لأجل نزولها عقب نزول ما تقدّمها من هذه السورة مع مناسبتها لآية الكلالة السابقة في أثناء ذكر الفرائض ؛ لأنّ في هذه الآية بيانا لحقيقة الكلالة أشار إليه قوله تعالى : (لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) ، وقد تقدّم في أوّل السورة أنّه ألحق بالكلالة المالك الّذي ليس له والد ، وهو قول الجمهور ومالك بن أنس.
فحكم الكلالة قد بيّن بعضه في آية أول هذه السورة ، ثمّ إنّ النّاس سألوا رسول اللهصلىاللهعليهوسلم عن صورة أخرى من صور الكلالة. وثبت في الصحيح أنّ الّذي سأله هو جابر بن عبد الله قال : عادني رسول الله وأبو بكر ماشيين في بني سلمة فوجداني مغمى عليّ فتوضّأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصبّ عليّ وضوءه فأفقت وقلت : كيف أصنع في مالي فإنّما يرثني كلالة. فنزل قوله تعالى : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) الآية. وقد قيل : إنّها نزلت ورسول الله صلىاللهعليهوسلم متجهّز لحجّة الوداع في قضية جابر بن عبد الله.
فضمير الجماعة في قوله : (يَسْتَفْتُونَكَ) غير مقصود به جمع ، بل أريد به جنس السائلين ، على نحو : «ما بال أقوام يشترطون شروطا» وهذا كثير في الكلام. ويجوز أن يكون السؤال قد تكرّر وكان آخر السائلين جابر بن عبد الله فتأخّر الجواب لمن سأل قبله ، وعجّل البيان له لأنّه وقت الحاجة لأنّه كان يظنّ نفسه ميّتا من ذلك المرض وأراد أن