تحت ما ذكره بالقياس. وقد ذكر القرآن الكلالة في أربع آيات : آيتي هذه السورة المذكور فيها لفظ الكلالة ، وآية في أوّل هذه السورة وهي قوله : (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) [النساء : ١١]. وآية آخر الأنفال [٧٥] وهي قوله : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) عند من رأى توارث ذوي الأرحام. ولا شكّ أنّ كلّ فريضة ليس فيها ولد ولا والد فهي كلالة بالاتّفاق ، فأمّا الفريضة التي ليس فيها ولد وفيها والد فالجمهور أنّها ليست بكلالة. وقال بعض المتقدّمين : هي كلالة.
وأمره بأن يجيب بقوله : (اللهُ يُفْتِيكُمْ) للتنويه بشأن الفريضة ، فتقديم المسند إليه للاهتمام لا للقصر ، إذ قد علم المستفتون أنّ الرسول لا ينطق إلّا عن وحي ، فهي لمّا استفتوه فإنّما طلبوا حكم الله ، فإسناد الإفتاء إلى الله تنويه بهذه الفريضة.
والمراد بالأخت هنا الأخت الشقيقة أو الّتي للأب في عدم الشقيقة بقرينة مخالفة نصيبها لنصيب الأخت للأمّ المقصودة في آية الكلالة الأولى ، وبقرينة قوله : (وَهُوَ يَرِثُها) لأنّ الأخ للأمّ لا يرث جميع المال إن لم يكن لأخته للأمّ ولد إذ ليس له إلّا السدس.
وقوله : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ) تقديره : إن هلك امرؤ ، فامرؤ مخبر عنه ب (هلك) في سياق الشرط ، وليس (هلك) بوصف ل (امرؤ) فلذلك كان الامرؤ المفروض هنا جنسا عامّا.
وقوله : (وَهُوَ يَرِثُها) يعود الضمير فيه على لفظ (امرؤ) الواقع في سياق الشرط ، المفيد للعموم : ذلك أنّه وقع في سياق الشرط لفظ (امرؤ) ولفظ (أخ) أو (أخت) ، وكلّها نكرات واقعة في سياق الشرط ، فهي عامّة مقصود منها أجناس مدلولاتها ، وليس مقصودا بها شخص معيّن قد هلك ، ولا أخت معيّنة قد ورثت ، فلمّا قال (وَهُوَ يَرِثُها) كان الضمير المرفوع راجعا إلى (امرؤ) لا إلى شخص معيّن قد هلك ، إذ ليس لمفهوم اللفظ هنا فرد معيّن فلا يشكل عليك بأنّ قوله : (امْرُؤٌ هَلَكَ) يتأكّد بقوله : (وَهُوَ يَرِثُها) إذ كيف يصير الهالك وارثا. وأيضا كان الضمير المنصوب في «يرثها» عائدا إلى مفهوم لفظ أخت لا إلى أخت معيّنة ، إذ ليس لمفهوم اللّفظ هنا فرد معيّن ، وعلم من قوله : (يَرِثُها) أنّ الأخت إن توفّيت ولا ولد لها يرثها أخوها ، والأخ هو الوارث في هذه الصورة ، وهي عكس التي قبلها. فالتقدير : ويرث الأخت امرؤ إن هلكت أخته ولم يكن لها ولد. وعلم معنى الإخوة من قوله : (وَلَهُ أُخْتٌ) ، وهذا إيجاز بديع ، ومع غاية إيجازه فهو في غاية الوضوح ، فلا يشكل بأنّ الأخت كانت وارثة لأخيها فكيف عاد عليها الضمير بأن يرثها أخوها الموروث ، وتصير هي موروثة ، لأنّ هذا لا يفرضه عالم بالعربية ، وأنّما يتوهّم ذلك