والسعير النار المسعّرة أي الملتهبة ، وهو فعيل بمعنى مفعول ، بني بصيغة المجرّد ، وهو من المضاعف ، كما بنى السميع من أسمع ، والحكيم من أحكم.
(يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١١))
(يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ).
تتنزّل آية (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) منزلة البيان والتفصيل لقوله (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) [النساء : ٧] وهذا المقصد الذي جعل قوله : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ) [النساء : ٧] إلخ بمنزلة المقدّمة له فلذلك كانت جملة : (يُوصِيكُمُ) مفصولة لأنّ كلا الموقعين مقتض للفصل.
ومن الاهتمام بهذه الأحكام تصدير تشريعها بقوله : (يُوصِيكُمُ) لأنّ الوصاية هي الأمر بما فيه نفع المأمور وفيه اهتمام الآمر لشدّة صلاحه ، ولذلك سمّي ما يعهد به الإنسان ، فيما يصنع بأبنائه وبماله وبذاته بعد الموت ، وصية.
وقد رويت في سبب نزول الآية أحاديث كثيرة. ففي «صحيح البخاري» ، عن جابر بن عبد الله : أنّه قال : «مرضت فعادني رسول الله وأبو بكر في بني سلمة فوجداني لا أعقل فدعا رسول الله بماء فتوضّأ ، ثم رشّ عليّ منه فأفقت فقلت «كيف أصنع في مالي يا رسول الله» فنزلت (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ).
وروى الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجه ، عن جابر ، قال : جاءت امرأة سعد بن الربيع فقالت لرسول الله «إنّ سعدا هلك وترك ابنتين وأخاه ، فعمد أخوه فقبض ما ترك سعد ، وإنّما تنكح النساء على أموالهنّ» فلم يجبها في مجلسها ذلك ، ثمّ جاءته فقالت «يا رسول الله ابنتا سعد» فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «ادع لي أخاه» ، فجاء ، فقال : «ادفع إلى ابنتيه الثلثين وإلى امرأته الثمن ولك ما بقي» ونزلت آية الميراث.