الإجماع بأنّ ابن عباس صحّ عنه أنّه أعطى البنتين النصف. قلت : لعلّ الإجماع انعقد بعد ما أعطى ابن عباس البنتين النصف على أنّ اختلال الإجماع لمخالفة واحد مختلف فيه ، أمّا حديث امرأة سعد بن الربيع المتقدّم فلا يصلح للفصل في هذا الخلاف ، لأنّ في روايته اختلافا هل ترك بنتين أو ثلاثا.
وقوله : (فَلَهُنَ) أعيد الضمير إلى نساء ، والمراد ما يصدق بالمرأتين تغليبا للجمع على المثنى اعتمادا على القرينة.
وقرأ الجمهور : (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً) ـ بنصب واحدة ـ على أنّه خبر كانت ، واسم كانت ضمير عائد إلى ما يفيده قوله : (فِي أَوْلادِكُمْ) من مفرد ولد ، أي وإن كانت الولد بنتا واحدة ، وقرأ نافع ، وأبو جعفر ـ بالرفع ـ على أنّ كان تامّة ، والتقدير : وإن وجدت بنت واحدة ، لما دلّ عليه قوله : (فَإِنْ كُنَّ نِساءً).
وصيغة (أَوْلادِكُمْ) صيغة عموم لأنّ أولاد جمع معرّف بالإضافة ، والجمع المعرّف بالإضافة من صيغ العموم ، وهذا العموم ، خصّصه أربعة أشياء :
الأوّل : خصّ منه عند أهل السنّة النبي صلىاللهعليهوسلم لما رواه عنه أبو بكر أنّه قال : «لا نورث ما تركنا صدقة» ووافقه عليه عمر بن الخطاب وجميع الصحابة وأمّهات المؤمنين. وصحّ أنّ عليا رضياللهعنه وافق عليه في مجلس عمر بن الخطاب ومن حضر من الصحابة كما في «الصحيحين».
الثاني : اختلاف الدين بالإسلام وغيره ، وقد أجمع المسلمون على أنّه لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.
الثالث : قاتل العمد لا يرث قريبه في شيء.
الرابع : قاتل الخطأ لا يرث من الدية شيئا.
(وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ)
الضمير المفرد عائد إلى الميّت المفهوم من قوله : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) إذ قد تقرّر أنّ الكلام في قسمة مال الميّت. وجاء الكلام على طريقة الإجمال والتفصيل ليكون كالعنوان ، فلذلك لم يقل : ولكلّ من أبويه السدس ، وهو كقوله السابق : (فِي أَوْلادِكُمْ