(فَاسْتَشْهِدُوا) هي الفاء المشبّهة لفاء الجواب ، وفاء (فَإِنْ شَهِدُوا) تفريعية ، وفاء (فَأَمْسِكُوهُنَ) جزائية ، ولو لا قصد الاهتمام بإعداد الشهادة قبل الحكم بالحبس في البيوت لقيل : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فأمسكوهنّ في البيوت إن شهد عليهنّ أربعة منكم.
(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٨))
استطراد جرّ إليه قوله : (فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما) [النساء : ١٦] والتوبة تقدّم الكلام عليها مستوفى في قوله ، في سورة آل عمران [٩٠] : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ).
و (إِنَّمَا) للحصر.
و (عَلَى) هنا حرف للاستعلاء المجازي بمعنى التعهّد والتحقّق كقولك : عليّ لك كذا فهي تفيد تحقّق التعهّد. والمعنى : التوبة تحقّ على الله ، وهذا مجاز في تأكيد الوعد بقبولها حتّى جعلت كالحقّ على الله ، ولا شيء بواجب على الله إلا وجوب وعده بفضله. قال ابن عطية : إخباره تعالى عن أشياء أوجبها على نفسه يقتضي وجوب تلك الأشياء سمعا وليس وجوبا.
وقد تسلّط الحصر على الخبر ، وهو (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ) ، وذكر له قيدان وهما (بِجَهالَةٍ) و (مِنْ قَرِيبٍ). والجهالة تطلق على سوء المعاملة وعلى الإقدام على العمل دون رويّة ، وهي ما قابل الحلم ، ولذلك تطلق الجهالة على الظلم. قال عمرو بن كلثوم :
ألا لا يجهلن أحد علينا |
|
فنجهل فوق جهل الجاهلينا |
وقال تعالى ، حكاية عن يوسف «وإلّا تصرف عنّي كيدهنّ أصب إليهن وأكن من الجاهلين». والمراد هنا ظلم النفس ، وذكر هذا القيد هنا لمجرّد تشويه عمل السوء ، فالباء للملابسة ، إذ لا يكون عمل السوء إلّا كذلك. وليس المراد بالجهالة ما يطلق عليه اسم الجهل ، وهو انتفاء العلم بما فعله ، لأنّ ذلك لا يسمّى جهالة ، وإنّما هو من معاني لفظ