أزواجهنّ.
ومن العلماء من قال : إنّ دخول الأمة ذات الزوج في ملك جديد غير ملك الذي زوّجها من ذلك الزوج يسوّغ لمالكها الجديد إبطال عقد الزوجية بينها وبين زوجها ، كالتي تباع أو توهب أو تورث ، فانتقال الملك عندهم طلاق. وهذا قول ابن مسعود ، وأبي بن كعب ، وجابر بن عبد الله ، وابن عباس ، وسعيد ، والحسن البصري ، وهو شذوذ ؛ فإنّ مالكها الثاني إنّما اشتراها عالما بأنّها ذات زوج ، وكأنّ الحامل لهم على ذلك تصحيح معنى الاستثناء ، وإبقاء صيغة المضيّ على ظاهرها في قوله : (مَلَكَتْ) أي ما كن مملوكات لهم من قبل. والجواب عن ذلك أن المراد بقوله : (مَلَكَتْ) ما تجدّد ملكها بعد أن كانت حرّة ذات زوج. فالفعل مستعمل في معنى التجدّد.
وقد نقل عن ابن عباس أنّه تحيّر في تفسير هذه الآية ، وقال : «لو أعلم أحدا يعلم تفسيرها لضربت إليه أكباد الإبل». ولعلّه يعني من يعلم تفسيرها عن النبي صلىاللهعليهوسلم. وقد كان بعض المسلمين في الزمن الأول يتوهّم أنّ أمة الرجل إذا زوّجها من زوج لا يحرم على السيّد قربانها ، مع كونها ذات زوج. وقد رأيت منقولا عن مالك : أنّ رجلا من ثقيف كان فعل ذلك في زمان عمر ، وأنّ عمر سأله عن أمته التي زوّجها وهل يطؤها ، فأنكر ، فقال له : لو اعترفت لجعلتك نكالا.
وقوله : (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) تذييل ، وهو تحريض على وجوب الوقوف عند كتاب الله ، ف (عَلَيْكُمْ) نائب مناب (الزموا) ، وهو مصيّر بمعنى اسم الفعل ، وذلك كثير في الظروف والمجرورات المنزّلة منزلة أسماء الأفعال بالقرينة ، كقولهم : إليك ، ودونك ، وعليك. و (كِتابَ اللهِ) مفعوله مقدّم عليه عند الكوفيين ، أو يجعل منصوبا ب (عَلَيْكُمْ) محذوفا دلّ عليه المذكور بعده ، على أنّه تأكيد له ، تخريجا على تأويل سيبويه في قول الراجز:
يا أيّها المائح دلوي دونك |
|
إنّي رأيت الناس يحمدونك |
ويجوز أن يكون (كِتابَ) مصدرا نائبا مناب فعله ، أي كتب الله ذلك كتابا ، و (عَلَيْكُمْ) متعلّقا به.
(وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ).
عطف على قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) [النساء : ٢٣] وما بعده ، وبذلك تلتئم