حليم إذا ما الحلم زيّن أهله |
|
مع الحلم في عين العدوّ مهيب |
وقال تعالى : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح : ٢٩].
وقوله : (يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) صفة ثالثة ، وهي من أكبر العلامات الدالّة على صدق الإيمان. والجهاد : إظهار الجهد ، أي الطاقة في دفاع العدوّ ، ونهاية الجهد التّعرّض للقتل ، ولذلك جيء به على صيغة مصدر فاعل لأنّه يظهر جهده لمن يظهر له مثله. وقوله: (وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) صفة رابعة ، وهي عدم الخوف من الملامة ، أي في أمر الدّين ، كما هو السياق.
واللومة الواحدة من اللّوم. وأريد بها هنا مطلق المصدر ، كاللّوم لأنّها لمّا وقعت في سياق النّفي فعمّت زال منها معنى الواحدة كما يزول معنى الجمع في الجمع المعمّم بدخول ال الجنسية لأنّ (لا) في عموم النّفي مثل (ال) في عموم الإثبات ، أي لا يخافون جميع أنواع اللّوم من جميع اللّائمين إذ اللّوم منه : شديد ، كالتقريع ، وخفيف ؛ واللائمون : منهم اللّائم المخيف ، والحبيب ؛ فنفى عنهم خوف جميع أنواع اللّوم. ففي الجملة ثلاثة عمومات : عموم الفعل في سياق النّفي ، وعموم المفعول ، وعموم المضاف إليه. وهذا الوصف علامة على صدق إيمانهم حتّى خالط قلوبهم بحيث لا يصرفهم عنه شيء من الإغراء واللوم لأنّ الانصياع للملام آية ضعف اليقين والعزيمة.
ولم يزل الإعراض عن ملام اللائمين علامة على الثّقة بالنّفس وأصالة الرأي. وقد عدّ فقهاؤنا في وصف القاضي أن يكون مستخفّا باللّائمة على أحد تأويلين في عبارة المتقدّمين ، واحتمال التّأويلين دليل على اعتبار كليهما شرعا.
وجملة (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) تذييل. واسم الاشارة إشارة إلى مجموع صفات الكمال المذكورة.
و (واسِعٌ) وصف بالسعة ، أي عدم نهاية التّعلّق بصفاته ذات التّعلق ، وتقدّم بيانه عند قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) في سورة آل عمران [٧٣].
[٥٥ ، ٥٦] (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (٥٥) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ (٥٦))