بطلان معتقدهم وتعريض بهم بأنّهم قد أشركوا بالله من حيث أرادوا التّوحيد. والضّمير المقترن بإنّ ضمير الشأن يدلّ على العناية بالخبر الوارد بعده. ومعنى (حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) منعها منه ، أي من الكون فيها.
والمأوى : المكان الّذي يأوى إليه الشيء ، أي يرجع إليه.
وجملة (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) يحتمل أيضا أن تكون من كلام المسيح ـ عليهالسلام ـ على احتمال أن يكون قوله : (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ) من كلامه ، ويحتمل أن تكون من كلام الله تعالى تذييلا لكلام المسيح على ذلك الاحتمال ، أو تذييلا لكلام الله تعالى على الاحتمال الآخر. والمراد بالظّالمين المشركون (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان : ١٣] ، أي ما للمشركين من أنصار ينصرونهم لينقذوهم من عذاب النّار.
فالتّقدير : ومأواه النّار لا محالة ولا طمع له في التّخلّص منه بواسطة نصير ، فبالأحرى أن لا يتخلّص بدون نصير.
[٧٣ ، ٧٤] (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٣) أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٤))
استئناف قصد منه الانتقال إلى إبطال مقالة أخرى من مقالات طوائف النّصارى ، وهي مقالة (الملكانيّة المسمّين بالجعاثليقيّة) ، وعليها معظم طوائف النّصارى في جميع الأرض. وقد تقدّم بيانها عند قوله تعالى : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ) من سورة النّساء [١٧١] ، وأنّ قوله فيها (وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ) يجمع الردّ على طوائف النّصارى كلّهم. والمراد ب (قالُوا) اعتقدوا فقالوا ، لأنّ شأن القول أن يكون صادرا على اعتقاد ، وقد تقدّم بيان ذلك.
ومعنى قولهم : (إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) أنّ ما يعرفه النّاس أنّه الله هو مجموع ثلاثة أشياء ، وأنّ المستحقّ للاسم هو أحد تلك الثّلاثة الأشياء. وهذه الثّلاثة قد عبّروا عنها بالأقانيم وهي : أقنوم الوجود ، وهو الذات المسمّى الله ، وسمّوه أيضا الأب ؛ وأقنوم العلم ، وسمّوه أيضا الابن ، وهو الّذي اتّحد بعيسى وصار بذلك عيسى إلها ؛ وأقنوم الحياة وسمّوه الرّوح القدس. وصار جمهورهم ، ومنهم الرّكوسية طائفة من نصارى العرب ، يقولون : إنّه لمّا اتّحد بمريم حين حملها بالكلمة تألّهت مريم أيضا ، ولذلك اختلفوا هل