أكل صيد البحر ولكنّها منبهة على عدم تحريمه في حال الإحرام.
وقوله : (وَطَعامُهُ) عطف على (صَيْدُ الْبَحْرِ). والضمير عائد إلى (الْبَحْرِ) ، أي وطعام البحر ، وعطفه اقتضى مغايرته للصيد. والمعنى : والتقاط طعامه أو وإمساك طعامه. وقد اختلف في المراد من «طعامه». والذي روي عن جلّة الصحابة ـ رضياللهعنهم ـ : أنّ طعام البحر هو ما طفا عليه من ميتة إذا لم يكن سبب موته إمساك الصائد له. ومن العلماء من نقل عنه في تفسير طعام البحر غير هذا ممّا لا يلائم سياق الآية. وهؤلاء هم الذين حرّموا أكل ما يخرجه البحر ميّتا ، ويردّ قولهم ما ثبت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه قال في البحر : «هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته». وحديث جابر في الحوت المسمّى العنبر ، حين وجدوه ميّتا ، وهم في غزوة ، وأكلوا منه ، وأخبروا رسول الله ، وأكل منه رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وانتصب (مَتاعاً) على الحال. والمتاع : ما يتمتّع به. والتمتّع : انتفاع بما يلذّ ويسرّ. والخطاب في قوله : (مَتاعاً لَكُمْ) للمخاطبين بقوله : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ) باعتبار كونهم متناولين الصيد ، أي متاعا للصائدين وللسيّارة.
والسيّارة : الجماعة السائرة في الأرض للسفر والتجارة ، مؤنث سيّار ، والتأنيث باعتبار الجماعة. قال تعالى : (وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ) [يوسف : ١٩]. والمعنى أحلّ لكم صيد البحر تتمتّعون بأكله ويتمتّع به المسافرون ، أي تبيعونه لمن يتّجرون ويجلبونه إلى الأمصار.
وقوله : (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) زيادة تأكيد لتحريم الصيد ، تصريحا بمفهوم قوله (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) [المائدة : ٩٥] ، ولبيان أنّ مدّة التحريم مدّة كونهم حرما ، أي محرمين أو مارّين بحرم مكة. وهذا إيماء لتقليل مدّة التحريم استئناسا بتخفيف ، وإيماء إلى نعمة اقتصار تحريمه على تلك المدّة ، ولو شاء الله لحرّمه أبدا. وفي «الموطأ» : أنّ عائشة قالت لعروة بن الزبير : يا بن أختي إنّما هي عشر ليال (أي مدّة الإحرام) فإن تخلّج في نفسك شيء فدعه. تعني أكل لحم الصيد.
وذيّل ذلك بقوله : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ). وفي إجراء الوصف بالموصول وتلك الصلة تذكير بأنّ المرجع إلى الله ليعدّ الناس ما استطاعوا من الطاعة لذلك اللقاء.
والحشر : جمع الناس في مكان. والصيد مراد به المصيد ، كما تقدّم.
والتحريم متعلّق بقتله لقوله قبله (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) [المائدة : ٩٥] فلا يقتضي قوله : (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) تحريم أكل صيد البرّ على المحرم إذا