وجملة (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) صفة ل (جَنَّاتٌ) و (خالِدِينَ) حال. وكذلك جملة (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ).
ومعنى : (رَضُوا عَنْهُ) المسرة الكاملة بما جازاهم به من الجنّة ورضوانه. وأصل الرضا أنّه ضدّ الغضب ، فهو المحبّة وأثرها من الإكرام والإحسان. فرضي الله مستعمل في إكرامه وإحسانه مثل محبّته في قوله : (يُحِبُّهُمْ). ورضي الخلق عن الله هو محبّته وحصول ما أمّلوه منه بحيث لا يبقى في نفوسهم متطلّع.
واسم الإشارة في قوله (ذلِكَ) لتعظيم المشار إليه ، وهو الجنّات والرضوان.
(لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٢٠))
تذييل مؤذن بانتهاء الكلام ، لأنّ هذه الجملة جمعت عبودية كلّ الموجودات لله تعالى ، فناسبت ما تقدّم من الردّ على النصارى ، وتضمّنت أنّ جميعها في تصرّفه تعالى فناسبت ما تقدّم من جزاء الصادقين. وفيها معنى التفويض لله تعالى في كلّ ما ينزل ، فآذنت بانتهاء نزول القرآن على القول بأنّ سورة المائدة آخر ما نزل ، وباقتراب وفاة رسول اللهصلىاللهعليهوسلم لما في الآية من معنى التسليم لله وأنّه الفعّال لما يريد. وتقديم المجرور باللام مفيد للقصر أي له لا لغيره.
وجيء بالموصول (ما) في قوله (وَما فِيهِنَ) دون (من) لأنّ (ما) هي الأصل في الموصول المبهم فلم يعتبر تغليب العقلاء ، وتقديم المجرور ب (عَلى) في قوله : (عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) للرعاية على الفاصلة المبنيّة على حرفين بينهما حرف مدّ. (وَما فِيهِنَ) عطف على (مُلْكُ) أي لله ما في السماوات والأرض ، كما في سورة البقرة [٢٨٤](لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) فيفيد قصرها على كونها لله لا لغيره. وليس معطوفا على السماوات والأرض إذ لا يحسن أن يقال : لله ملك ما في السماوات والأرض لأنّ الملك يضاف إلى الأقطار والآفاق والأماكن كما حكى الله تعالى : (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ) [الزخرف : ٥١] ويضاف إلى صاحب الملك كما في قوله : (عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) [البقرة : ١٠٢]. ويقال : في مدّة ملك الأشوريين أو الرومان.