زيادة في تحقيق مضمون جملة البدل ، لأنّ تعلّق بدل الاشتمال بالمبدل منه أضعف من تعلّق البدل المطابق.
وضمير (بِهِ) راجع إلى الرسول أو إلى الكتاب المبين.
وسبل السلام : طرق السلامة الّتي لا خوف على السائر فيها. وللعرب طرق معروفة بالأمن وطرق معروفة بالمخافة ، مثل وادي السباع ، الذي قال فيه سحيم بن وثيل الرياحي :
ومررت على وادي السباع ولا أرى |
|
كوادي السباع حين يظلم واديا |
أقلّ به ركب أتوه تئيّة |
|
وأخوف إلّا ما وقى الله ساريا |
فسبيل السلام استعارة لطرق الحقّ. والظلمات والنّور استعارة للضلال والهدى. والصراط المستقيم مستعار للإيمان.
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧))
هذا من ضروب عدم الوفاء بميثاق الله تعالى. كان أعظم ضلال النّصارى ادّعاؤهم إلهيّة عيسى ـ عليهالسلام ـ ، فإبطال زعمهم ذلك هو أهمّ أحوال إخراجهم من الظلمات إلى النّور وهديهم إلى الصراط المستقيم ، فاستأنف هذه الجملة (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) استئناف البيان. وتعيّن ذكر الموصول هنا لأنّ المقصود بيان ما في هذه المقالة من الكفر لا بيان ما عليه النصارى من الضلال ، لأنّ ظلالهم حاصل لا محالة إذا كانت هذه المقالة كفرا.
وحكي قولهم بما تؤدّيه في اللغة العربيّة جملة (إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) ، وهو تركيب دقيق المعنى لم يعطه المفسّرون حقّه من بيان انتزاع المعنى المراد به ، من تركيبه ، من الدلالة على اتّحاد مسمّى هذين الاسمين بطريق تعريف كلّ من المسند إليه والمسند بالعلمية بقرينة السياق الدالّة على أنّ الكلام ليس مقصودا للإخبار بأحداث لذوات ، المسمّى في الاصطلاح : حمل اشتقاق بل هو حمل مواطأة ، وهو ما يسمّى في المنطق : حمل (هو هو) ، وذلك حين يكون كلّ من المسند إليه والمسند معلوما للمخاطب ويراد