وطلب ما يوصلهم إلى مرضاة الله. وقابل قتالا مذموما بقتال يحمد فاعله عاجلا وآجلا».
والوسيلة : كالوصيلة. وفعل وسل قريب من فعل وصل ، فالوسيلة : القربة ، وهي فعيلة بمعنى مفعولة ، أي متوسّل بها أي اتبعوا التقرّب إليه ، أي بالطاعة.
و (إِلَيْهِ) متعلّق ب (الْوَسِيلَةَ) أي الوسيلة إلى الله تعالى. فالوسيلة أريد بها ما يبلغ به إلى الله ، وقد علم المسلمون أنّ البلوغ إلى الله ليس بلوغ مسافة ولكنّه بلوغ زلفى ورضى. فالتّعريف في الوسيلة تعريف الجنس ، أي كلّ ما تعلمون أنّه يقرّبكم إلى الله ، أي ينيلكم رضاه وقبول أعمالكم لديه. فالوسيلة ما يقرّب العبد من الله بالعمل بأوامره ونواهيه. وفي الحديث القدسي : «ما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضته عليه» الحديث. والمجرور في قوله : (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) متعلّق ب (ابْتَغُوا). ويجوز تعلّقه ب (الْوَسِيلَةَ) ، وقدم على متعلّقه للحصر ، أي لا تتوسّلوا إلّا إليه لا إلى غيره فيكون تعريضا بالمشركين لأنّ المسلمين لا يظنّ بهم ما يقتضي هذا الحصر.
[٣٦ ، ٣٧] (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٣٦) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٧))
الأظهر أنّ هذه الجملة متّصلة بجملة (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) [المائدة : ٣٣] اتّصال البيان ؛ فهي مبيّنة للجملة السابقة تهويلا للعذاب الّذي توعّدهم الله به في قوله : (ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) [المائدة : ٣٣] فإنّ أولئك المحاربين الّذين نزلت تلك الآية في جزائهم كانوا قد كفروا بعد إسلامهم وحاربوا الله ورسوله ، فلمّا ذكر جزاؤهم عقّب بذكر جزاء يشملهم ويشمل أمثالهم من الّذين كفروا وذلك لا يناكد كون الآية للسابقة مرادا بها ما يشتمل أهل الحرابة من المسلمين.
والشرط في قوله : (لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ) مقدّر بفعل دلّت عليه (أنّ) ، إذ التّقدير : لو ثبت ما في الأرض ملكا لهم ؛ فإنّ (لو) لاختصاصها بالفعل صحّ الاستغناء عن ذكره بعدها إذا وردت (أنّ) بعدها. وقوله (وَمِثْلَهُ مَعَهُ) معطوف على (ما فِي الْأَرْضِ) ، ولا حاجة إلى جعله مفعولا معه للاستغناء عن ذلك بقوله (مَعَهُ). واللام في (لِيَفْتَدُوا بِهِ) لتعليل الفعل المقدّر ، أي لو ثبت لهم ما في الأرض لأجل الافتداء به لا لأجل أن يكنزوه أو يهبوه.