ويجوز أن يكون إنشاء الله تعالى ثناء على نفسه ، تعريضا بالامتنان على الرسول والمسلمين.
واللام في (الْحَمْدُ) للجنس ، أي وجنس الحمد كلّه الذي منه الحمد على نعمة إهلاك الظالمين.
وفي ذلك كلّه تنبيه على أنّه يحقّ الحمد لله عند هلاك الظلمة ، لأنّ هلاكهم صلاح للناس ، والصلاح أعظم النعم ، وشكر النعمة واجب. وهذا الحمد شكر لأنّه مقابل نعمة. وإنّما كان هلاكهم صلاحا لأنّ الظلم تغيير للحقوق وإبطال للعمل بالشريعة ، فإذا تغير الحقّ والصلاح جاء الدمار والفوضى وافتتن الناس في حياتهم فإذا هلك الظالمون عاد العدل ، وهو ميزان قوام العالم.
أخرج أحمد بن حنبل عن عقبة بن عامر عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحبّ فإنّما هو استدراج ثم تلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (٤٦))
استئناف ابتدائي عاد به إلى الجدال معهم في إشراكهم بالله تعالى بعد أن انصرف الكلام عنه بخصوصه من قوله تعالى : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً) [الأنعام : ١٩] وما تفنّن عقب ذلك من إثبات البعث وإثبات صدق الرسول وذكر القوارع والوعيد إلى قوله : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ) [الأنعام : ٤٠] الآيات. وتكرير الأمر بالقول للوجه الذي تقدّم آنفا عند قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ) [الأنعام : ٤٠] الآية.
والرؤية قلبية متعدّية إلى مفعولين ، وليس هذا من قبيل الاستعمال المتقدّم آنفا في قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ) [الأنعام : ٤٠] الآية.
واختلاف القرّاء في (أَرَأَيْتُمْ) كاختلافهم في مثله من قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ) [الأنعام : ٤٠] الآية.