وجملة : (لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ) إلخ في موضع الحال من (نَفْسٌ) لعموم (نَفْسٌ) ، أو في موضع الصفة نظرا لكون لفظه مفردا.
والوليّ : الناصر. والشفيع : الطالب للعفو عن الجاني لمكانة له عند من بيده العقاب. وقد تقدّم الولي عند قوله تعالى : (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا) في هذه السورة [١٤] ، والشفاعة عند قوله تعالى : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) في سورة البقرة [٤٨].
وجملة : (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها) عطف على جملة (لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ). و (تَعْدِلْ) مضارع عدل إذا فدى شيئا بشيء وقدّره به. فالفداء يسمّى العدل كما تقدّم في قوله تعالى : (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) في سورة البقرة [٤٨].
وجيء في الشرط ب (أَنْ) المفيدة عدم تحقّق حصول الشرط لأنّ هذا الشرط مفروض كما يفرض المحال.
والعدل في قوله : (كُلَّ عَدْلٍ) مصدر عدل المتقدّم. وهو مصدره القياسي فيكون (كُلَ) منصوبا على المفعولية المطلقة كما في «الكشّاف» ، أي وإن تعط كلّ عطاء للفداء لا يقبل عطاؤها ، ولا يجوز أن يكون مفعولا به ل (تَعْدِلْ) لأنّ فعل (عدل) يتعدّى للعوض بالباء وإنّما يتعدّى بنفسه للمعوّض وليس هو المقصود هنا. فلذلك منع في «الكشّاف» أن يكون (كُلَّ عَدْلٍ) مفعولا به ، وهو تدقيق. و (كُلَ) هنا مجاز في الكثرة إذ ليس للعدل ، أي للفداء حصر حتّى يحاط به كلّه. وقد تقدّم استعمال (كلّ) بمعنى الكثرة وهو مجاز شائع عند قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ) في سورة البقرة [١٤٥].
وقوله : (لا يُؤْخَذْ مِنْها) أي لا يؤخذ منها ما تعدل به. فقوله : (مِنْها) هو نائب الفاعل ل (يُؤْخَذْ). وليس في (يُؤْخَذْ) ضمير العدل لأنّك قد علمت أنّ العدل هنا بمعنى المصدر ، فلا يسند إليه الأخذ كما في «الكشاف» ، فقد نزّل فعل الأخذ منزلة اللازم ولم يقدّر له مفعول كأنّه قيل : لا يؤخذ منها أخذ. والمعنى لا يؤخذ منها شيء. وقد جمعت الآية جميع ما تعارف الناس التخلّص به من القهر والغلب ، وهو الناصر والشفيع والفدية. فهي كقوله تعالى : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) في سورة البقرة [٤٨].
وجملة : (أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا) مستأنفة استئنافا بيانيا لأنّ الكلام يثير