اسمه آزر فإنّ العرب كانوا معتنين بذكر إبراهيم ـ عليهالسلام ـ ونسبه وأبنائه. وليس من عادة القرآن التعرّض لذكر أسماء غير الأنبياء فما ذكر اسمه في هذه الآية إلّا لقصد سنذكره. ولم يذكر هذا الاسم في غير هذه الآية. والذي في كتب الإسرائيليّين أنّ اسم أبي إبراهيم (تارح) ـ بمثناة فوقية فألف فراء مفتوحة فحاء مهملة ـ. قال الزجاج : لا خلاف بين النسّابين في أنّ اسم أبي إبراهيم تارح. وتبعه محمد بن الحسن الجويني الشافعي في «تفسير النكت». وفي كلامهما نظر لأنّ الاختلاف المنفي إنّما هو في أنّ آزر اسم لأبي إبراهيم ولا يقتضي ذلك أنه ليس له اسم آخر بين قومه أو غيرهم أو في لغة أخرى غير لغة قومه. ومثل ذلك كثير. وقد قيل : إنّ (آزر) وصف. قال الفخر : قيل معناه الهرم بلغة خوارزم ، وهي الفارسية الأصلية. وقال ابن عطية عن الضحّاك : (آزر) الشيخ. وعن الضحّاك : أنّ اسم أبي إبراهيم بلغة الفرس (آزر). وقال ابن إسحاق ومقاتل والكلبي والضحّاك : اسم أبي إبراهيم تارح وآزر لقب له مثل يعقوب الملقب إسرائيل ، وقال مجاهد : (آزر) اسم الصنم الذي كان يعبده أبو إبراهيم فلقّب به. وأظهر منه أن يقال : أنّه الصنم الذي كان أبو إبراهيم سادن بيته.
وعن سليمان التيمي والفرّاء : (آزر) كلمة سبّ في لغتهم بمعنى المعوجّ ، أي عن طريق الخير. وهذا وهم لأنّه يقتضي وقوع لفظ غير عربي ليس بعلم ولا بمعرّب في القرآن. فإنّ المعرّب شرطه أن يكون لفظا غير علم نقله العرب إلى لغتهم. وفي «تفسير الفخر» : أنّ من الوجوه أن يكون (آزر) عمّ إبراهيم وأطلق عليه اسم الأب لأنّ العمّ قد يقال له : أب. ونسب هذا إلى محمد بن كعب القرظي. وهذا بعيد لا ينبغي المصير إليه فقد تكرّر في القرآن ذكر هذه المجادلة مع أبيه ، فيبعد أن يكون المراد أنّه عمّه في تلك الآيات كلّها.
قال الفخر : وقالت الشيعة : لا يكون أحد من آباء رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأجداده كافرا. وأنكروا أنّ (آزر) أب لإبراهيم وإنّما كان عمّه. وأمّا أصحابنا فلم يلتزموا ذلك. قلت : هو كما قال الفخر من عدم التزام هذا وقد بيّنت في «رسالة» لي في طهارة نسب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّ الكفر لا ينافي خلوص النسب النبوي خلوصا جبليّا لأنّ الخلوص المبحوث عنه هو الخلوص ممّا يتعيّر به في العادة.
والذي يظهر لي أنّه : أنّ (تارح) لقّب في بلد غربة بلقب (آزر) باسم البلد الذي جاء منه ، ففي «معجم ياقوت» ـ آزر ـ بفتح الزاي وبالراء ـ ناحية بين سوق الأهواز ورامهرمز.