بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ) [البقرة : ١٣٢] وقوله : (وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) [البقرة : ١٣٣] كلّ ذلك في سورة البقرة.
وقوله : (كُلًّا هَدَيْنا) اعتراض ، أي كلّ هؤلاء هديناهم يعني إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، فحذف المضاف إليه لظهوره وعوض عنه التّنوين في «كلّ» تنوين عوض عن المضاف إليه كما هو المختار.
وفائدة ذكر هديهما التّنويه بإسحاق ويعقوب ، وأنّهما نبيان نالا هدى الله كهديه إبراهيم ، وفيه أيضا إبطال للشرك ، ودمغ ، لقريش ومشركي العرب ، وتسفيه لهم بإثبات أنّ الصالحين المشهورين كانوا على ضدّ معتقدهم كما سيصرّح به في قوله : (ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [الأعراف : ٨٨].
وجملة : (وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ) عطف على الاعتراض ، أي وهدينا نوحا من قبلهم. وهذا استطراد بذكر بعض من أنعم الله عليهم بالهدى ، وإشارة إلى أنّ الهدى هو الأصل ، ومن أعظم الهدى التّوحيد كما علمت. وانتصب (نُوحاً) على أنّه مفعول مقدّم على (هَدَيْنا) للاهتمام ، و (مِنْ قَبْلُ) حال من (نُوحاً). وفائدة ذكر هذا الحال التّنبيه على أنّ الهداية متأصّلة في أصول إبراهيم وإسحاق ويعقوب. وبني (قَبْلُ) على الضمّ ، على ما هو المعروف في (قبل) وأخوات غير من حذف ما يضاف إليه قبل وينوى معناه دون لفظه. وتقدمت ترجمة نوح عند قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً) في سورة آل عمران [٣٣].
وقوله : (مِنْ ذُرِّيَّتِهِ) حال من داود ، و (داوُدَ) مفعول (هدينا) محذوفا. وفائدة هذا الحال التّنويه بهؤلاء المعدودين بشرف أصلهم وبأصل فضلهم ، والتّنويه بإبراهيم أو بنوح بفضائل ذرّيّته. والضمير المضاف إليه عائد إلى نوح لا إلى إبراهيم لأنّ نوحا أقرب مذكور ، ولأنّ لوطا من ذرّية نوح ، وليس من ذرية إبراهيم حسبما جاء في كتاب التّوراة. ويجوز أن يكون لوط عومل معاملة ذرّيّة إبراهيم لشدّة اتّصاله به. كما يجوز أن يجعل ذكر اسمه بعد انتهاء أسماء من هم من ذرّيّة إبراهيم منصوبا على المدح بتقدير فعل لا على العطف.
وداود تقدّم شيء من ترجمته عند قوله تعالى : (وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ) في سورة البقرة [٢٥١]. ونكمّلها هنا بأنّه داود بن يسيّ من سبط يهوذا من بني إسرائيل. ولد بقرية بيت لحم سنة ١٠٨٥ قبل المسيح ، وتوفّي في أورشليم سنة ١٠١٥. وكان في شبابه راعيا لغنم