بالتعليل.
ومعنى : (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) أنّهم يغالطون أنفسهم ويغالطون قومهم لستر مكابرتهم ولدفع ما ظهر من الغلبة عليهم. وهذا شأن المغلوب المحجوج أن يتعلّق بالمعاذير الكاذبة.
والمبين : البيّن الواضح ، مشتقّ من (أبان) مرادف (بان). وتقدّم معنى السحر عند قوله تعالى : (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) في سورة البقرة [ ].
(وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (٨) وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ (٩))
عطف على قوله : (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً) ، لأنّ هذا خبر عن تورّكهم وعنادهم ، وما قبله بيان لعدم جدوى محاولة ما يقلع عنادهم ، فذلك فرض بإنزال كتاب عليهم ، من السماء فيه تصديق النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهذا حكاية لاقتراح منهم آية يصدّقونه بها. وفي سيرة ابن إسحاق أنّ هذا القول واقع ، وأنّ من جملة من قال هذا زمعة بن الأسود ، والنضر بن الحارث بن كلدة ، وعبدة بن عبد يغوث ؛ وأبي ابن خلف ، والعاصي بن وائل ، والوليد بن المغيرة ، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، ومن معهم ، أرسلوا إلى النبيصلىاللهعليهوسلم : سل ربّك أن يبعث معك ملكا يصدّقك بما تقول ويراجعنا عنك.
فقوله : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ) أي لو لا أنزل عليه ملك نشاهده ويخبرنا بصدقه ، لأنّ ذلك هو الذي يتطلّبه المعاند. أمّا نزول الملك الذي لا يرونه فهو أمر واقع ، وفسّره قوله تعالى في الآية الأخرى : (لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) في سورة الفرقان [ ].
والضمير عائد إلى (الَّذِينَ كَفَرُوا) وإن كان قاله بعضهم ، لأنّ الجميع قائلون بقوله: وموافقون عليه.
و (لَوْ لا) للتحضيض بمعنى (هلا). والتحضيض مستعمل في التعجيز على حسب اعتقادهم. وضمير (عَلَيْهِ) للنبي صلىاللهعليهوسلم ، ومعاد الضمير معلوم من المقام ، لأنّه إذا جاء في الكلام ضمير غائب لم يتقدّم له معاد وكان بين ظهرانيهم من هو صاحب خبر أو قصة يتحدّث الناس بها تعيّن أنّه المراد من الضمير. ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم لعمر بن الخطاب حين