والطّلع : وعاء عرجون التّمر الّذي يبدو في أوّل خروجه يكون كشكل الأترجّة العظيمة مغلقا على العرجون ، ثمّ ينفتح كصورة نعلين فيخرج منه العنقود مجتمعا ، ويسمّى حينئذ الإغريض ، ثمّ يصير قنوا.
و (دانِيَةٌ) قريبة. والمراد قريبة التّناول كقوله تعالى : (قُطُوفُها دانِيَةٌ) [الحاقة : ٢٣]. والقنوان الدانية بعض قنوان النّخل خصّت بالذّكر هنا إدماجا للمنّة في خلال التّذكير بإتقان الصنعة فإنّ المنّة بالقنوان الدّانية أتمّ ، والدّانية هي الّتي تكون نخلتها قصيرة لم تتجاوز طول قامة المتناول ، ولا حاجة لذكر البعيدة التّناول لأنّ الذّكرى قد حصلت بالدّانية وزادت بالمنّة التّامّة.
و (جَنَّاتٍ) بالنّصب عطف على (خَضِراً). وما نسب إلى أبي بكر عن عاصم من رفع (جَنَّاتٍ) لم يصحّ.
وقوله : (مِنْ أَعْنابٍ) تمييز مجرور ب (مِنَ) البيانيّة لأنّ الجنّات للأعناب بمنزلة المقادير كما يقال جريت تمرا ، وبهذا الاعتبار عدّي فعل الإخراج إلى الجنّات دون الأعناب ، فلم يقل وأعنابا في جنّات. والأعناب جمع عنب ، وهو جمع عنبة ، وهو في الأصل ثمر شجر الكرم. ويطلق على شجرة الكرم عنب على تقدير مضاف ، أي شجرة عنب ، وشاع ذلك فتنوسي المضاف. قال الرّاغب : «العنب يقال لثمرة الكرم وللكرم نفسه» ا ه. ولا يعرف إطلاق المفرد على شجرة الكرم ، فلم أر في كلامهم إطلاق العنبة بالإفراد على شجرة الكرم ولكن يطلق بالجمع ، يقال : عنب ، مراد به الكرم ، كما في قوله تعالى : (فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً) [عبس : ٢٧ ، ٢٨] ، ويقال : أعناب كذلك ، كما هنا ، وظاهر كلام الرّاغب أنّه يقال : عنبة لشجرة الكرم ، فإنّه قال : «العنب يقال لثمرة الكرم وللكرم نفسه الواحدة عنبة».
(وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) ـ بالنّصب ـ عطف على (جَنَّاتٍ) والتّعريف فيهما الجنس كالتّعريف في قوله : (وَمِنَ النَّخْلِ). والمراد بالزّيتون والرمّان شجرهما. وهما في الأصل اسمان للثمرتين ثمّ أطلقا على شجرتيهما كما تقدّم في الأعناب. وهاتان الشّجرتان وإن لم تكونا مثل النّخل في الأهميّة عند العرب إلّا أنّهما لعزّة وجودهما في بلاد العرب ولتنافس العرب في التّفكّه بثمرهما والإعجاب باقتنائهما ذكرا في مقام التّذكير بعجيب صنع الله تعالى ومنّته. وكانت شجرة الزّيتون موجودة بالشّام وفي سينا ، وشجرة الرمّان موجودة بالطّائف.
وقوله : (مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) حال ومعطوف عليه ، والواو للتّقسيم بقرينة أنّ الشيء