والثمر : الجنى الّذي يخرجه الشّجر. وهو ـ بفتح الثّاء والميم ـ في قراءة الأكثر ، جمع ثمرة ـ بفتح الثّاء والميم ـ وقرأه حمزة والكسائي وخلف ـ بضمّ الثّاء والميم ـ وهو جمع تكسير ، كما جمعت : خشبة على خشب ، وناقة على نوق.
والينع : الطّيب والنّضج. يقال : ينع ـ بفتح النّون ـ يينع ـ بفتح النّون وكسرها ـ ويقال : أينع يونع ينعا ـ بفتح التّحتيّة بعدها نون ساكنة ـ.
و (إِذا) ظرف لحدوث الفعل ، فهي بمعنى الوقت الّذي يبتدئ فيه مضمون الجملة المضاف إليها ، أي حين ابتداء أثماره. وقوله : (وَيَنْعِهِ) لم يقيّد بإذا أينع لأنّه إذا ينع فقد تمّ تطوّره وحان قطافه فلم تبق للنّظر فيه عبرة لأنّه قد انتهت أطواره.
وجملة : (إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ) علّة للأمر بالنّظر. وموقع (إنّ) فيه موقع لام التّعليل ، كقول بشّار :
إنّ ذاك النّجاح في التّبكير
والإشارة ب (ذلِكُمْ) إلى المذكور كلّه من قوله (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ ـ إلى قوله ـ وَيَنْعِهِ) فتوحيد اسم الإشارة بتأويل المذكور ، كما تقدّم في قوله تعالى : (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) في سورة البقرة [٦٨].
و (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) وصف للآيات. واللّام للتّعليل ، والمعلّل هو ما في مدلول الآيات من مضمّن معنى الدّلالة والنّفع. وقد صرّح في هذا بأنّ الآيات إنّما تنفع المؤمنين تصريحا بأنّهم المقصود في الآيتين الأخريين بقوله : (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [الأنعام : ٩٧] وقوله (لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) [الأنعام : ٩٨] ، وإتماما للتّعريض بأنّ غير العالمين وغير الفاقهين هم غير المؤمنين يعني المشركين.
(وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ (١٠٠))
عطف على الجمل قبله عطف القصّة على القصّة ، فالضّمير المرفوع في (جَعَلُوا) عائد إلى (قَوْمُكَ) من قوله تعالى : (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ) [الأنعام : ٦٦].
وهذا انتقال إلى ذكر شرك آخر من شرك العرب وهو جعلهم الجنّ شركاء لله في عبادتهم كما جعلوا الأصنام شركاء له في ذلك. وقد كان دين العرب في الجاهليّة خليطا