معناه ، وهو التّوبيخ والعقاب ، لأنّ العقاب هو العاقبة المقصودة من إعلام المجرم بجرمه. والفاء للتّفريع عن المرجع مؤذنة بسرعة العقاب إثر الرّجوع إليه.
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠٩))
عطف جملة : (وَأَقْسَمُوا) على جملة : (اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) [الأنعام : ١٠٦] الآية. والضّمير عائد إلى القوم في قوله : (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُ) [الأنعام : ٦٦] مثل الضّمائر الّتي جاءت بعد تلك الآية ومعنى : (لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ) آية غير القرآن. وهذا إشارة إلى شيء من تعلّلاتهم للتمادي على الكفر بعد ظهور الحجج الدّامغة لهم ، كانوا قد تعلّلوا به في بعض تورّكهم على الإسلام. فروى الطّبري وغيره عن مجاهد ، ومحمّد بن كعب القرظي ، والكلبي ، يزيد بعضهم على بعض : أنّ قريشا سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم آية مثل آية موسى ـ عليهالسلام ـ إذ ضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه العيون ، أو مثل آية صالح ، أو مثل آية عيسى ـ عليهمالسلام ـ ، وأنّهم قالوا لمّا سمعوا قوله تعالى : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) [الشعراء : ٤] أقسموا أنّهم إن جاءتهم آية كما سألوا أو كما توعدوا ليوقننّ أجمعون ، وأنّ رسول الله ـ عليه الصلاة والسّلام ـ سأل الله أن يأتيهم بآية كما سألوا ، حرصا على أن يؤمنوا. فهذه الآية نازلة في ذلك المعنى لأنّ هذه السّورة جمعت كثيرا من أحوالهم ومحاجّاتهم.
والكلام على قوله : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) هو نحو الكلام على قوله في سورة العقود [٥٣] (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ). والأيمان تقدّم الكلام عليها عند قوله تعالى : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) في سورة البقرة [٢٢٥].
وجملة : (لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ) إلخ مبيّنة لجملة : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ). واللّام في (لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ) موطّئة للقسم ، لأنّها تدلّ على أنّ الشّرط قد جعل شرطا في القسم فتدلّ على قسم محذوف غالبا ، وقد جاءت هنا مع فعل القسم لأنّها صارت ملازمة للشّرط الواقع جوابا للقسم فلم تنفكّ عنه مع وجود فعل القسم. واللّام في (لَيُؤْمِنُنَّ بِها) لام القسم ، أي لام جوابه.
والمراد بالآية ما اقترحوه على الرّسول صلىاللهعليهوسلم يعنون بها خارق عادة تدلّ على أنّ الله