الأعمال النافعة لأجل نفع هذه الساعة ، ويجوز أن يكون في للتعدية بتقدير مضاف إلى الضمير ، أي في خيراتها. والمعنى على ما فرّطنا في الساعة ، يعنون ما شاهدوه من نجاة ونعيم أهل الفلاح. ويجوز أن يعود ضمير (فِيها) على الحياة الدنيا ، فيكون «في» للظرفية الحقيقية.
وجملة : (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ) في موضع الحال من ضمير (قالُوا) ، أي قالوا ذلك في حال أنّهم يحملون أوزارهم فهم بين تلهّف على التفريط في الأعمال الصالحة والإيمان وبين مقاساة العذاب على الأوزار التي اقترفوها ، أي لم يكونوا محرومين من خير ذلك اليوم فحسب بل كانوا مع ذلك متعبين مثقلين بالعذاب.
والأوزار جمع وزر ـ بكسر الواو ـ ، وهو الحمل الثقيل ، وفعله وزر يزر إذا حمل. ومنه قوله هنا (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ). وقوله : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [الأنعام : ١٦٤]. وأطلق الوزر على الذنب والجناية لثقل عاقبتها على جانيها.
وقوله : (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ) تمثيل لهيئة عنتهم من جرّاء ذنوبهم بحال من يحمل حملا ثقيلا. وذكر (عَلى ظُهُورِهِمْ) هنا مبالغة في تمثيل الحالة ، كقوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى : ٣٠]. فذكر الأيدي لأنّ الكسب يكون باليد ، فهو يشبه تخييل الاستعارة ولكنّه لا يتأتّى التخييل في التمثيلية لأنّ ما يذكر فيها صالح لاعتباره من جملة الهيئة ، فإنّ الحمل على الظهر مؤذن بنهاية ثقل المحمول على الحامل.
ومن لطائف التوجيه وضع لفظ الأوزار في هذا التمثيل ؛ فإنّه مشترك بين الأحمال الثقيلة وبين الذنوب ، وهم إنّما وقعوا في هذه الشدّة من جرّاء ذنوبهم فكأنّهم يحملونها لأنّهم يعانون شدّة آلامها.
وجملة : (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) تذييل. و (ألا) حرف استفتاح يفيد التنبيه للعناية بالخبر. و (ساءَ ما يَزِرُونَ) إنشاء ذمّ. و (يَزِرُونَ) بمعنى (يَحْمِلُونَ) ، أي ساء ما يمثّل من حالهم بالحمل. و (ما يَزِرُونَ) فاعل (ساءَ). والمخصوص بالذمّ محذوف ، تقديره: حملهم.
(وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٣٢))