وبيت زهير :
أخا ثقة لا تهلك الخمر ماله |
|
ولكنّه قد يهلك المال نائله |
وإفادة استحضار الصورة ، كقول كعب :
لقد أقوم مقاما لو يقوم به |
|
أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل |
لظلّ يرعد إلّا أن يكون له |
|
من الرسول بإذن الله تنويل |
أراد تحقيق حضوره لدى الرسول صلىاللهعليهوسلم مع استحضار تلك الحالة العجيبة من الوجل المشوب بالرجاء.
والتحقيق أنّ كلام سيبويه بريء ممّا حمّلوه ، وما نشأ اضطراب كلام النحاة فيه إلّا من فهم ابن مالك لكلام سيبويه. وقد ردّه عليه أبو حيّان ردّا وجيها.
فمعنى الآية علمنا بأنّ الذي يقولونه يحزنك محقّقا فتصبّر. وقد تقدّم لي كلام في هذه المسألة عند قوله تعالى : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) في سورة البقرة [١٤٤] ، فكان فيه إجمال وأحلت على تفسير آية سورة الأنعام ، فهذا الذي استقرّ عليه رأيي.
وفعل (نَعْلَمُ) معلّق عن العمل في مفعولين بوجود اللام.
والمراد ب (الَّذِي يَقُولُونَ) أقوالهم الدّالة على عدم تصديقهم الرسول صلىاللهعليهوسلم ، كما دلّ عليه قوله بعده (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ) [الأنعام : ٣٤] ، فعدل عن ذكر اسم التكذيب ونحوه إلى اسم الموصول وصلته تنزيها للرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ عن ذكر هذا اللفظ الشنيع في جانبه تلطّفا معه.
وقرأ نافع ، وأبو جعفر (لَيَحْزُنُكَ) ـ بضم الياء وكسر الزاي ـ. وقرأه الباقون ـ بفتح الياء وضمّ الزاي ـ يقال : أحزنت الرجل ـ بهمزة تعدية لفعل حزن ، ويقال : حزنته أيضا. وعن الخليل : أنّ حزنته ، معناه جعلت فيه حزنا كما يقال : دهنته. وأمّا التعدية فليست إلّا بالهمزة. قال أبو علي الفارسي : حزنت الرجل ، أكثر استعمالا ، وأحزنته ، أقيس. و (الَّذِي يَقُولُونَ) هو قولهم ساحر ، مجنون ، كاذب ، شاعر. فعدل عن تفصيل قولهم إلى إجماله إيجازا أو تحاشيا عن التصريح به في جانب المنزّه عنه.
والضمير المجعول اسم (إنّ) ضمير الشأن ، واللام لام القسم ، وفعل (لَيَحْزُنُكَ)