ابن مسعود ، وابن عمر ، وجابر بن عبد الله ، وأنس بن مالك ، وابن عبّاس ، وأسماء بنت يزيد.
بسم الله الرحمن الرحيم
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١))
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ).
جملة (الْحَمْدُ لِلَّهِ) تفيد استحقاق الله تعالى الحمد وحده دون غيره لأنّها تدلّ على الحصر. واللام لتعريف الجنس ، فدلّت على انحصار استحقاق هذا الجنس لله تعالى. وقد تقدّم بيان ذلك مستوفى في أول سورة الفاتحة.
ثم إنّ جملة (الْحَمْدُ لِلَّهِ) هنا خبر لفظا ومعنى إذ ليس هنا ما يصرف إلى قصد إنشاء الحمد بخلاف ما في سورة الفاتحة لأنّه عقّب بقوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) [الفاتحة : ٥] إلى آخر السورة ، فمن جوّز في هذه أن تكون إنشاء معنى لم يجد التأمّل.
فالمعنى هنا أنّ الحمد كلّه لا يستحقّه إلّا الله ، وهذا قصر إضافي للردّ على المشركين الذين حمدوا الأصنام على ما تخيّلوه من إسدائها إليهم نعما ونصرا وتفريج كربات ، فقد قال أبو سفيان حين انتصر هو وفريقه يوم أحد : اعل هبل لنا العزّى ولا عزّى لكم. ويجوز أن يكون قصرا حقيقيا على معنى الكمال وأنّ حمد غيره تعالى من المنعمين تسامح لأنّه في الحقيقة واسطة صورية لجريان نعمة الله على يديه ، والمقصود هو هو ، وهو الردّ على المشركين ، لأنّ الأصنام لا تستحقّ الحمد الصوري بله الحقيقي كما قال إبراهيم ـ عليهالسلام ـ «لم نعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا». ولذلك عقّبت جملة الحمد على عظيم خلق الله تعالى بجملة (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ).
والموصول ، في محلّ الصفة لاسم الجلالة ، أفاد مع صلته التذكير بعظيم صفة الخلق الذي عمّ السماوات والأرض وما فيهنّ من الجواهر والأعراض. وذلك أوجز لفظ في استحضار عظمة قدرة الله تعالى. وليس في التعريف بالموصولية هنا إيذان بتعليل الجملة التي ذكرت قبله ، إذ ليست الجملة إنشائية كما علمت. والجملة الخبرية لا تعلّل ، لأنّ الخبر حكاية ما في الواقع فلا حاجة لتعليله. فالمقصود من الأوصاف التمهيد لقوله بعد