[الأنعام : ١٢].
وقيل الكتاب القرآن. وهذا بعيد إذ لا مناسبة بالغرض على هذا التفسير ، فقد أورد كيف يشتمل القرآن على كلّ شيء. وقد بسط فخر الدين بيان ذلك لاختيار هذا القول وكذلك أبو إسحاق الشاطبي في «الموافقات».
والتفريط : الترك والإهمال ، وتقدّم بيانه آنفا عند قوله تعالى : (قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها) [الأنعام : ٣١].
والشيء هو الموجود. والمراد به هنا أحوال المخلوقات كما يدلّ عليه السياق فشمل أحوال الدّواب والطير فإنّها معلومة لله تعالى مقدّرة عنده بما أودع فيها من حكمة خلقه تعالى.
وقوله (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) تقدّم تفسيره آنفا في أوّل تفسير هذه الآية. وفي الآية تنبيه للمسلمين على الرفق بالحيوان فإنّ الإخبار بأنّها أمم أمثالنا تنبيه على المشاركة في المخلوقية وصفات الحيوانية كلّها. وفي قوله : (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) إلقاء للحذر من الاعتداء عليها بما نهى الشرع عنه من تعذيبها وإذا كان يقتصّ لبعضها من بعض وهي غير مكلّفة ، فالاقتصاص من الإنسان لها أولى بالعدل. وقد ثبت في الحديث الصحيح : أنّ الله شكر للذي سقى الكلب العطشان ، وأنّ الله أدخل امرأة النار في هرّة حبستها فماتت جوعا.
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٩))
يجوز أن تكون الواو للعطف ، والمعطوف عليه جملة : (إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ). والمعنى : والذين كذّبوا بآياتنا ولم يستمعوا لها ، أي لا يستجيبون بمنزلة صمّ وبكم في ظلمات لا يهتدون.
ويجوز أن تكون الجملة مستأنفة والواو استئنافية ، أي عاطفة كلاما مبتدأ ليس مرتبطا بجملة معيّنة من الكلام السابق ولكنّه ناشئ عن جميع الكلام المتقدّم. فإنّ الله لمّا ذكر من مخلوقاته وآثار قدرته ما شأنه أن يعرّف الناس بوحدانيته ويدلّهم على آياته وصدق رسوله أعقبه ببيان أنّ المكذّبين في ضلال مبين عن الاهتداء لذلك ، وعن التأمّل والتفكير