تعالى : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً) في سورة آل عمران [٦٧].
والحنيف : المجانب للباطل ، فهو بمعنى المهتدي ، وقد تقدّم عند قوله تعالى : (قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) في سورة البقرة [١٣٥]. وهو منصوب على الحال.
وجملة : (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) عطف على الحال من (إِبْراهِيمَ) عليهالسلام المضاف إليه ، لأنّ المضاف هنا كالجزاء من المضاف إليه ، وقد تقدّم في آية سورة البقرة.
[١٦٢ ، ١٦٣] (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٢) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣))
استئناف أيضا ، يتنزّل منزلة التّفريع عن الأوّل ، إلّا أنّه استؤنف للإشارة إلى أنّه غرض مستقلّ مهمّ في ذاته ، وإن كان متفرّعا عن غيره ، وحاصل ما تضمّنه هو الإخلاص لله في العبادة ، وهو متفرّع عن التّوحيد ، ولذلك قيل : الرياء الشّرك الأصغر. علّم الرّسولصلىاللهعليهوسلم أن يقوله عقب ما علّمه بما ذكر قبله لأنّ المذكور هنا يتضمّن معنى الشّكر لله على نعمة الهداية إلى الصّراط المستقيم ، فإنّه هداه ثمّ ألهمه الشّكر على الهداية بأن يجعل جميع طاعته وعبادته لله تعالى. وأعيد الأمر بالقول لما علمت آنفا.
وافتتحت جملة المقول بحرف التّوكيد للاهتمام بالخبر ولتحقيقه ، أو لأنّ المشركين كانوا يزعمون أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام كان يرائي بصلاته ، فقد قال بعض المشركين لمّا رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصلّي عند الكعبة : «ألا تنظرون إلى هذا المرائي أيّكم يقوم إلى جزور بني فلان فيعمد إلى فرثها وسلاها فإذا سجد وضعه بين كتفيه». فتكون (إنّ) على هذا لردّ الشكّ.
واللّام في (لِلَّهِ) يجوز أن تكون للملك ، أي هي بتيسير الله فيكون بيانا لقوله : (إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الأنعام : ١٦١]. ويجوز أن تكون اللام للتعليل أي لأجل الله.
وجعل صلاته لله دون غيره تعريضا بالمشركين إذ كانوا يسجدون للأصنام. ولذلك أردف بجملة (لا شَرِيكَ لَهُ).