إِنْ نَسِينا) [البقرة : ٢٨٦] وأدلّة أخرى من كلام النّبيء صلىاللهعليهوسلم.
(وَما لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (١١٩))
(وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ).
عطف على قوله : (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) [الأنعام : ١١٨]. والخطاب للمسلمين.
(وَما) للاستفهام ، وهو مستعمل في معنى النّفي : أي لا يثبت لكم عدم الأكل ممّا ذكر اسم الله عليه ، أي كلوا ممّا ذكر اسم الله عليه. واللام للاختصاص ، وهي ظرف مستقرّ خبر عن (ما) ، أي ما استقرّ لكم.
و (أَلَّا تَأْكُلُوا) مجرور ب (في) محذوفة. مع (أن). وهي متعلّقة بما في الخبر من معنى الاستقرار ، وتقدّم بيان مثل هذا التّركيب عند قوله تعالى : (قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ) في سورة البقرة [٢٤٦].
ولم يفصح أحد من المفسّرين عن وجه عطف هذا على ما قبله ، ولا عن الدّاعي إلى هذا الخطاب ، سوى ما نقله الخفاجي ـ في «حاشية التّفسير» ـ عمّن لقّبه علم الهدى ولعلّه عنى به الشّريف المرتضى : أنّ سبب نزول هذه الآية أنّ المسلمين كانوا يتحرّجون من أكل الطيّبات ، تقشّفا وتزهّدا ا ه ، ولعلّه يريد تزهّدا عن أكل اللّحم ، فيكون قوله تعالى : (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) استطرادا بمناسبة قوله قبله : (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) [الأنعام : ١١٨] ، وهذا يقتضي أنّ الاستفهام مستعمل في اللّوم ، ولا أحسب ما قاله هذا الملقّب بعلم الهدى صحيحا ولا سند له أصلا. قال الطّبري : ولا نعلم أحدا من سلف هذه الأمّة كفّ عن أكل ما أحلّ الله من الذّبائح.
والوجه عندي أنّ سبب نزول هذه الآية ما تقدّم آنفا من أنّ المشركين قالوا للنّبيصلىاللهعليهوسلم وللمسلمين ، لمّا حرّم الله أكل الميتة : «أنأكل ما نقتل ولا نأكل ما يقتل الله» يعنون الميتة ، فوقع في أنفس بعض المسلمين شيء ، فأنزل الله (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ