إيّاهم في جميع شئونهم ، لأنّها من تمام المنّة. والوليّ يطلق بمعنى النّاصر وبمعنى الموالي.
وقوله : (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) يجوز أن يتعلّق بما في معنى الخبر في قوله : (لَهُمْ دارُ السَّلامِ) ، من مفهوم الفعل ، أي ثبت لهم ذلك بما كانوا يعملون ، فتكون الباء سببيّة ، أي بسبب أعمالهم الحاصلة بالإسلام ، أو الباء للعوض : أي لهم ذلك جزاء بأعمالهم ، وتكون جملة : (وَهُوَ وَلِيُّهُمْ) معترضة بين الخبر ومتعلّقه ، ويجوز أن يكون : (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) متعلّقا ب (وَلِيُّهُمْ) أي وهو ناصرهم ، والباء للسّببيّه : أي بسبب أعمالهم تولّاهم ، أو الباء للملابسة ، ويكون : (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) مرادا به جزاء أعمالهم ، على حذف مضاف دلّ عليه السّياق.
وتعريف المسند بالإضافة في قوله : (وَلِيُّهُمْ) أفاد الإعلام بأنّ الله وليّ القوم المتذكّرين ، ليعلموا عظم هذه المنّة فيشكروها ، وليعلم المشركون ذلك فيغيظهم. وذلك أنّ تعريف المسند بالإضافة يخالف طريقة تعريفه بغير الإضافة ، من طرق التّعريف ، لأنّ التّعريف بالإضافة أضعف مراتب التّعريف ، حتّى أنّه قد يقرب من التّنكير على ما ذكره المحقّقون : من أنّ أصل وضع الإضافة على اعتبار تعريف العهد ، فلا يقال : غلام زيد ، إلّا لغلام معهود بين المتكلّم والمخاطب بتلك النّسبة ، ولكن الإضافة قد تخرج عن ذلك في الاستعمال فتجيء بمنزلة النكرة المخصوصة بالوصف ، فتقول : أتاني غلام زيد بكتاب منه وأنت تريد غلاما له غير معيّن عند المخاطب ، فيصير المعرّف بالإضافة حينئذ كالمعرّف بلام الجنس ، أي يفيد تعريفا يميّز الجنس من بين سائر الأجناس ، فالتّعريف بالإضافة يأتي لما يأتي له التّعريف باللام. ولهذا لم يكن في قوله : (وَهُوَ وَلِيُّهُمْ) قصر ولا إفادة حكم معلوم على شيء معلوم. وممّا يزيدك يقينا بهذا قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) [محمد : ١١] فإنّ عطف : (وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) على قوله : (بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا) أفاد أنّ المراد بالأوّل إفادة ولاية الله للّذين آمنوا لا الإعلام بأنّ من عرف بأنّه مولى الّذين آمنوا هو الله.
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨))